للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمْ يَجُزْ أَنْ نَقُولَ: هَذَا يَسْتَلْزِمُ لَعْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَعْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَوْ لَعْنَ الصِّدِّيقِينَ أَوْ الصَّالِحِينَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: الصِّدِّيقُ وَالصَّالِحُ متى صَدَرَتْ مِنْهُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ, فَلَا بُدَّ مِنْ مَانِعٍ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْوَعِيدِ بِهِ, مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ.

فَفِعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ مِمَّنْ يَحْسِبُ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ -بِاجْتِهَادِ أَوْ تَقْلِيدٍ, أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ- غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الصِّدِّيقِينَ الَّذِينَ امْتَنَعَ لُحُوقُ الْوَعِيدِ بِهِمْ لِمَانِعِ, كَمَا امْتَنَعَ لُحُوقُ الْوَعِيدِ بِهِ لِتَوْبَةِ أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السَّبِيلَ هِيَ الَّتِي يَجِبُ سُلُوكُهَا.

فَإِنَّ مَا سِوَاهَا طَرِيقَانِ خَبِيثَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ بِلُحُوقِ الْوَعِيد لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ بِعَيْنِهِ. وَدَعْوَى أَنَّ هَذَا عَمَلٌ بِمُوجَبِ النُّصُوصِ.

وَهَذَا أَقْبَحُ مِنْ قَوْلِ الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ بِالذُّنُوبِ, وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.

وَفَسَادُهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ من دين الإسلام, وَأَدِلَّتُهُ مَعْلُومَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

الثَّانِي: تَرْكُ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ بِمُوجَبِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ظَنًّا أَنَّ الْقَوْلَ بِمُوجَبِهَا مُسْتَلْزِمٌ لِلطَّعْنِ فِيمَن خَالَفَهَا.

<<  <   >  >>