للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِإِمْكَانِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ, وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْوَلَدَ لِمَنْ أَحْبَلَ أُمَّهُ, وَاعْتَقَدُوا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ هُوَ الْمُحْبِلُ لِسُمَيَّةَ أُمِّ زِيَادٍ.

فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ, لَا سِيَّمَا قَبْلَ انْتِشَارِ السُّنَّةِ, مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ هَكَذَا؛ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْمَانِعَةِ هَذَا الْمُقْتَضِي لِلْوَعِيدِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَهُ: مِنْ حَسَنَاتٍ تَمْحُو السَّيِّئَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ بِكِتَابِ أَوْ سُنَّةٍ إذَا كَانَ بَعْضُ الْأُمَّةِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ فَاسْتَحَلُّوهَا, أَوْ عَارَضَ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ عِنْدَهُمْ أَدِلَّةٌ أُخْرَى رَأَوْا رُجْحَانَهَا عَلَيْهَا, مُجْتَهِدِينَ فِي ذَلِكَ التَّرْجِيحِ بِحَسَبِ عَقْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ.

فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَهُ أَحْكَامٌ: مِنْ التَّأْثِيمِ وَالذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ وَالْفِسْقِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ, لَكِنْ لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ.

فَقَدْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا, وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مُنْتَفِيَةٌ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا, أَوْ وُجُودِ مَانِعها؛ أَوْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ مُنْتَفِيًا فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَعَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ.

وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الْكَلَامَ, لِأَنَّ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا -وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ-: أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَأَنَّ مَنْ خَالَفَهُ بِاجْتِهَادِ سَائِغٍ, مُخْطِئٌ مَعْذُورٌ مَأْجُورٌ.

<<  <   >  >>