ومن أشهر وأقدم تلك المؤلفات كتاب:"شفاء السقام في زيارة خير الأنام" للتقي السبكي الذي اشتهر وأقبل عليه الجم الغفير قراءة وعملاً وتطبيقاً، ولم يعلموا أن أحاديثه وأدلته كلها واهية موضوعة، لا تصلح مستنداً، كما بيَّن ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في رده الذي سماه:"الصارم المنكي في الرد على السبكي".
ومن المؤلفات الباطلة أيضاً في هذا الباب كتاب:"الدر المنظم في زيارة القبر المعظم" لابن حجر المكي، حيث ذكر فيه من الحكايات، والمنامات والأباطيل ما تمجه الأسماع، وتنفر منه الطباع، ومع ذلك تجد لها آذاناً صاغية، تتقبلها وتروجها وتحبذ العمل بها، فيعظم الشر والضرر.
ولقد تصدى للدفاع عن هذه الأباطيل بعض المتأخرين الزائفين، أمثال النبهاني، والحداد، والزهاوي، ودحلان، وابن جرجيس، وأضرابهم الذين كتبوا وتكلموا بكل جراءة، داعين إلى هذه الزيارة والأفعال الشركية معها، ومتهمين كل من نهى عنها ببغض الرسول صلى الله عليه وسلم وتنقصه.. وما إلى ذلك.
وكأن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تتجلَّى بدعائه والتوسل بذاته، والخضوع والذل أمام قبره الشريف، وشبه ذلك مما هو خالص حق الله تعالى، ومما قد نهى عنه نبينا عليه الصلاة والسلام، وعما هو دونه، ككونه خير البرية، أو تسميته سيداً، وقول: ما شاء الله وشئت.
ولم يعلم هؤلاء الأغبياء أن أشد الناس له محبة وتعظيماً هم صحابته رضي الله عنهم، ولم يكونوا يعاملونه بشيء من ذلك، حتى كانوا لا يقومون له إذا أقبل، لعلمهم بكراهته لذلك.