للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وأشهرها عند العامة ما ورد بلفظ: "من حج ولم يزرني فقد جفاني".

وقد أجمعت الأمة على عدم وجوب الزيارة مع كل حج، ولو صح هذا اللفظ لكان تركها كفراً، لما فيه من جفاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد اتفقوا على ترك العمل بظاهر هذا الحديث، مما يبين أنه موضوع.

* ومنها حديث: "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي". ومعلوم أن زائره في الحياة يحظى بفضيلة الصحبة، ويتلقى عنه العلم والأحكام مباشرة، مما لا يحصل لزائر قبره صلى الله عليه وسلم فبطل ظاهر الحديث أيضاً.

*ومنها ما روي بلفظ: "من زار قبري وجبت له شفاعتي".

مع أن شفاعته صلى الله عليه وسلم إنَّما ينالها أهل التوحيد الخالص، كما ثبت ذلك بالسنة الصحيحة.

وليس منه تعظيم القبر بشد الرحل إليه، وجعله مقصداً ومطلباً؛ بل يكون شركاً خفياً أو جلياً، لما يصحبه من التعظيم الذي يظهر أثره في التذلل والخضوع، وهذا خالص حق الله تعالى، وهذا ما يحصل بكثرة من جُل أولئك الزوار، الذين يقفون أمام القبور بالمسجد وبالشهداء وبالبقيع، فتراهم هناك مهطعين مقنعي رؤوسهم، تغاشهم الذلة والهيبة، وقد وضعوا الأيدي على الصدور أو رفعوها داعين مبتهلين بخشوع وهيبة، واستكانة لا يحصل بعضها في صلاتهم بين يدي ربهم تعالى.