قال ابن فاطمة: ولم أر من رأى جانبها وإنما وصفها الكانميون وجيرانهم ممن لقيناه بالجانب الشمالي. ويحدق بها من جميع جهاتها أمم طاغية من السودان الكفرة الذين يأكلون الناس، ولا دين يذكرهم بسكان الجانب الشمالي، ومنهم بدى. ومدينتهم تعرف بهم ومن تحتها يخرج نيل غانا. ومدينتهم حولها ويجاورها من الجانب الغربي جابي وهم الذين يبردون أسنانهم. وإذا مات لهم ميت دفعوه إلى جيرانهم وكذلك يفعل معهم جيرانهم. وعلى جنوبي البحيرة انكرار، وعلى شرقيها كوري، الذين تنسب البحيرة إليهم. وفي شرقي مدينة بدى من الكانم المسلمين مدينة جاجه، وهي كرسي مملكة مفرده ولها مدن وبلاد، وهي الآن لسلطان الكانم. وهي موصوفة بالخصب وكثرة الخيرات وبها الطواويس والببغاء والدجاج الرقط والغنم البلق التي على قدر الحمير الصغار ولها صور تخالف صور كباسنا. والزرافة كثيرة في أرض جاجه وفي شرقي مدينتها على ركن البحيرة المغزاة، حيث دار صناعة الكانم. وكثيراً ما يغزو من هنالك في أسطوله بلاد الكفار التي على جوانب هذه البحيرة ويقطع على مراكبهم فيقتل ويسبي. وموضوع مدينة جاجه حيث الطول ثمان وأربعون درجة وعشرون دقيقة والعرض سبع درجات في سمت ركن البحيرة حيث الطول إحدى وخمسون درجة. ومن مدن الكانم المشهورة مانان وعرضها ثلاث عشرة درجة. وفي شرقيها وجنوبيها قاعدة الكانم جيمي حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض تسع دقائق وفيها سلطان الكانم المشهور بالجهاد وأفعال الخير، محمدي من ولد سيف بن ذي يزن. وكانت قاعدة جدود الكفرة قبل أن يسلموا مدينة مانان. ثم أسلم منهم جده الرابع على يد فقهاء الإسلام في بلد الكانم ولهذا السلطان هنالك مثل سلطنة تجوه ومملكة كوارو ومملكة فزان وقد أيده الله وكثر نسله وعساكره. والثياب تحمل إليه من الحضرة التونسية. وعنده الفقهاء. وله في سمت جيمي على آخر هذا الجزء الرديني فيها سابين له وسمتنزه. وهي على غربي النيل الآتي لمصر. وبينها وبين جيمي أربعون ميلاً. وفواكههم لا تشبه فواكهنا ويوجد عندهم الرمان والخوخ كثيراً وقد عانوا قصب السكر فأنجب عندهم قليلاً ولا يستغله إلا السلطان وكذلك العنب والقمح. ومخرج النيل المصري في هذا الجزء من بحيرة كوري حيث الطول إحدى وخمسون درجة والعرض ست درجات. وعند اندفاعه من البحيرة مدينة كوري للسودان الذين يأكلون الناس وهي في شماليه، وعرضه حيث جبل المقسم الممتد من أول ركن البحيرة الشرقي الجنوبي ومن تحت هذا الجبل أيضاً يخرج نيل مقدشو بالقرب من خط الاستواء ومن خلف الخط وقد ذكروا أن في بحيرة كوري جبل لوراطس وهو واقع في هذا الجزء الثالث. وذكر بطليموس أنه يبدأ حيث الطول ثلاث وأربعون درجة والعرض ثلاث درجات وعشرون دقيقة. وينتهي حيث الطول ثمان وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض واحد. ويقال له أيضاً جبل الذهب. والسودان تزعم أن الذهب الذي يوجد على بلاد النيل عند مده إنما هو من معادن هذا الجبل. ولا يقدر أحد على قربه من كثرة ما فيه من الثعابين والوحوش المهلكة. وجوانبه الساحلية ملأى بالتماسيح وخيل النيل. وقد قيل إن فرس النيل لا تصاد في هذه البحيرة، وإنما تصاد في نيل غاتا ونيل النوبة. وفي شرقي جبل مقورس لفاصل بين الكانم وكوكو، مجالات الكانم وأتباعهم من البرابرة الذين اسلموا على يد سلطان الكانم، وهم له عبيد يغزو بهم وينتفع بجمالهم التي ملأت تلك الأقطار في مجالات مانان. وفي شرقي مانان مجالات الزغاوين ومعظمهم مسلمون تحت طاعة الكانمي. وفي شمال مانان ومجالات الكانم مجالات الكوار. ومدينتهم المشهورة تقع في الإقليم الثالث وهم مسلمون تحت طاعة الكانمي.