الجزء الأول: تقع فيه جزائر السعادات الأربع التي رسمت، ويصعد البحر المحيط في ساحله إلى حيث الطول ست درجات ونصف، فيقع هناك مازغان، وهي فرضة مشهورة تحمل منها المراكب القمح إلى سبتة وغيرها. وبينها وبين أسفى فرضة مراكش، خمسون ميلاً. ولها طرف يدخل في البحر اثنا عشر ميلاً. وفي شماليها نهر أم ربيع المشهور وتدخله المراكب المتوسطة. وعلى جنوبيه مدينة أزمور على ميلين من البحر وسكانها أكثرهم صنهاجة، وهي قاعدة لولاتها. وبينها وبين طرف مازغان اثنا عشر ميلاً. وفي شمالي هذا النهر على خمسين ميلاً الفرضة المشهورة بالفتح آنفاً. ومعظم سكانها برغواطه وفي شماليها على ستين ميلاً مصب نهر سلا. وهو صعب على دخول المراكب لا يهتدي إلى مسالكه غير قوم يعرفون بوقاصة، وينسبون إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وعلى جانبه الجنوبي عند المصب، مدينة رباط الفتح التي بناها عبد المؤمن أولاً فتممها على منزع الإسكندرية، المنصور بن عبد المؤمن وعزم أن يجعلها عوضاً عن مراكش، فعالجته المنية. وفي مقابلها على شمال النهر مدينة سلا المشهورة، حيث الطول سبع درجات وعشر دقائق والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف. وفي شماليها مصب نهر المعمورة وهو من أنهار المغرب المشهورة، مخصوص بالحوت الطيب المعروف عندهم بالسائل، الذي يكون في اختلاط الماء المالح بالحلو ويحمل من هناك إلى الأقطار. وبين المصبين ستة عشر ميلاً، ويقال له أيضاً نهر سبو. وهو ونهر سلا لا يعبران إلا على جسر. وفي شماليه، على ستين ميلاً مصب نهر القصر وهو مشهور عند المسافرين في البحر المحيط وعلى جانبه الجنوبي عند البحر العرائش، وعلى جانبه الشمالي تشمس. وكانتا مدينتين في مدة العلويين ثم صارتا قريتين. ومن هذا المصب إلى مدينة ارباد على البحر المحيط عشرون ميلاً. وهي محل خط وإقلاع، حيث الطول ثمان درجات غير عشرين دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. ومنها تشرق المراكب قليلاً قليلاً إلى فم الزقاق، وهو يدخل بحر الإسكندرية من البحر المحيط، وفي جانبيه الجنوبي طرط اسبرتال داخل في البحر. وعلى جانبه الشمالي الطرف الأغر على ذلك المنزع، وطالما تكسرت عليهما المراكب في هول البحر لملاطمة الأمواج على طرفيه ولانزعاج دخول الماء وخروجه. والسفر بين طرفيه أربعون ميلاً من ازيلا إلى طرف استريال ثم يضيق الزقاق بين بر العدوة وبر الأندلس فيكون قدر ثمانية عشر ميلاً. وطوله إلى جبل الميناء الذي على سبتة أربعة وأربعون ميلاً وهي على البحر المحيط. قال البكري: إن اتساع البحر عندها ثلث مجرى وهو أضيق بقليل عندما يشرق عنها إلى أن يكون عند قصر المجاز ثمانية عشر ميلاً. وبينه وبين طنجة ثمان درجات وإحدى وثلاثون دقيقة وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وتكون سبتة المشهورة حيث الطول تسع درجات والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف. وهذه المدينة بين بحرين وهي ركاب البرين، شبه الإسكندرية في كثرة الحط والإقلاع وفيها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهند وغيرها في صفقة واحدة ولا يحوجون صاحبها إلى تقاض. وهي الآن غير راجعة إلى سلطان بل يديرها الفقيه العرفي. وعسكرها في أسطولها في المراكب التي ترد عليها من البحر المحيط ومن ريف عمارة. وآخر هذه الجزيرة قادس وهي صغيرة قدرها اثنا عشر ميلاً.