الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه في بحر الزقاق، بلاد بولية التي يجلب منها الإفرنج الزيت إلى الإسكندرية وغيرها. ومن هنالك، البحر إلى جزيرة اقريطش المشهورة، التي فتحها المسلمون، أهل رياض قرطبة في مدة المأمون، وملوكها مدة. ثم استرجعها الخرايطة، فهي الآن في أيديهم، وطولها ثلاثمائة وخمسون ميلاً من الغرب إلى الشرق. ومدينتها حيث الطول سبع وأربعون درجة وسبع دقائق، والعرض درجة ونصف، ويجلب منها إلى الإسكندرية الجبن والعسل. وفي شرقيها جزيرة رودس التي كان معاوية قد فتحها، وجعل فيها رابطة يغزو منها خليج القسطنطينية ثم عقل عنهم بريد العطاء، فهربوا إلى الشام، وجلوا عنها فملكها الروم. وهي الآن من جزائر الخرايطة. وطول هذه الجزيرة بانحراف من الشمال إلى الجنوب، نحو خمسين ميلاً، والعرض نصفها. وبينها وبين بر الخرايطة من جهة مدينتها، نحو خمسة عشر ميلاً. وبينها وبين ذنب اقريطش مجرى، واقريطش في الغرب بجنوب. وبين رودس وانطاكيا ثلاث مجار. وفي شرقها جزيرة قبرص التي فتحها المسلمون في مدة معاوية، ومدينتها في وسطها، حيث الطول داخل في الجزء الرابع خمس وخمسون درجة ونصف، والعرض ثلاثون درجة ودقائق. وطول هذه الجزيرة من غرب إلى شرق مائتا ميل، ولها ذنب دقيق ينظر إلى الشرق إلى ساحل الشام، وعرضها الواسع مائة ميل والضيق أميال. وبين الجزيرة وبر الكرك من بلاد سيس نصف مجرى، ومنها يجلب اللاك وهو صمغ. وذكر البكري أن فيها معدن نحاس.