الجزء الأول: فيه ظهور البحر المحيط على ما نقل عن بطليموس حيث الطول درجة والعرض عشر دقائق. ومن هناك الجزائر الخالدات على البحار المرسومة في الجغرافيا. وهي ست يستغرق جميعها سمت العرض من الإقليم الأول وقليل من سمت الثاني. ومن هذه الجزائر أخذ بطليموس الأطوال كما أخذ من خط الاستواء العروض. وهي ليست مسكونة ولكنها وصل إليها الإسكندر ذو القرنين ورام السلوك في عرضها فلم يتمكن له ما أراد، أما لأقاصير وضباب متراكم أو خوفاً من الضلال والهلاك في غير شيء. ثم أنه وضع على كل جزيرة منها منارة يهتدي بها من ضل وكتب على كل واحدة منها: لا مسلك خلفي. وفيها كلام يطول. قال ابن فاطمة: وجزائر السعادة فيما بين الجزائر الخالدات والبر مبددة في الإقليم الأول والثاني والثالث. وهي أربع وعشرون جزيرة. والحديث عنها كالخرافات. والبحر المحيط يتدرج قليلاً قليلاً لارتفاع في هذا الجزء إلى أن يكون مصب النيل الذي يمر على غانا ويكون حيث الطول عشر درجات وعشرون دقيقة والعرض أربع عشرة درجة. وأمام مصب النيل في البحر المحيط جزيرة الملح وطولها من الشمال إلى الجنوب درجتان وقليل، ووسعها نصف درجة. وفي طرفها الجنوبي على البحر مدينة أوليل وهي سراح كمدن والهنود وفيها كثير من أنواع القصب والنبات. وعيش أهلها من السمك والسلاحف وتجارتهم بالملح يصعدون به في المراكب إلى البلاد التي على شواطئ النيل. قالوا وليس في بلاد السودان ملاحة غيرها. وإلى جانب هذه الجزيرة جزيرة العنبر وبينهما مجاز مقداره نصف درجة. وبينها وبين البر أقل من ذلك وطولها درجتان ووسعها في الأعلى ثلاث درجات. ويقال لها أيضاً جزيرة السلاحف إذ فيها من ذلك الكثير. وأهل تلك البلاد يصطادونها ويقددون لحمها ويسافرون به. ويجدون أيضاً في هذه الجزيرة العنبر الكثير. وأول ما يلقاك على غربي النيل من مدائن التكرور مدينة قلنبو وهي فرضة مشهورة وكانت في زمن أبي عبيد البكري للكفار. وأما في عصرنا فما على شاطئ النيل من بلاد التكرور مدينة إلا وقد دخلها الإسلام وجميعها لسلطان التكرور. وقاعدتها على جانبي النيل واسمها تكرور وبها عرفوا. ونسلهم يقال له مغزاوه. وهم قسمان: قسم تحضر ويسكن المدن وقسم رجاله في البوادي. وأكثر مجالاتهم في جانب النيل الشمالي ولهم في الجنوب قليل، ومعظمه مجالات لملم وهم كفار مهملون يأكلون الناس. وموضوع مدينة تكرور حيث الطول سبع عشرة درجة والعرض ثلاث عشرة درجة ونصف ودقائق. وصاحبها يسبي رقيق لملم وهم بواد ولهم في الكتب مدينة كالقرية اسمها مويّه، وفيها بيت دكاكيرهم وهي الأوثان وموضوعها على البحر المحيط حيث العرض ست درجات.