للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر الأصمعي عن كِرْدِيْن المِسمَعي: أن فتية من الحيّ أتوا أبا ضمْضَم الراوية، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: أتيناك نتحدّث. قال: كذبتم. قلتم: خرِف الشيخ، هلمّوا نتغفّله. ثم أنشدهم لمائة أو ثمانين شاعراً، كلّهم يسمّى عَمراً. قال الأصمعي: فجهدنا أن نتمّ ثلاثين شاعراً يسمى عَمراً، فلم نجد.

وزعم الأصمعي أيضاً أن إخوة من بني سعد يسمون مُنذِراً، ومُنتذراً، ونذيراً، كانوا رجّازاً، فلم يهبطوا الأمصار، فذهبت أشعارُهم. وأن أُرجوزة رؤْبة القافيّة التي هي قلادتُه، وعينُ شعره لنذير.

وقد يرى في أشعار القبائل الأبيات تُنسب الى الرجل المجهول الذي لم يُرْوَ له غيرها، ولا يعرف له اسمٌ إلا بها؛ وكأن النفس تشهد أنّ مثلها لا يكونُ باكورة الخاطر، ولا تسمحُ بها القريحةُ إلا بعد الدُّرْبة وطولِ الممارسة، ومن ذا يسمع قول الهُذَلي:

أبو مالك قاصِرٌ فَقرَه ... على نفْسه ومُشيعٌ غِناهُ

إذا سُدَتْه سُدْت مِطواعةً ... ومهما وكَلْتَ إليه كفاهُ

فيشكّ أنها لم تندفر فلْتة، وتصْدر بغْتة، وأن لها مقدمات سهّلْت سبيلَها، وأخوات قرّبت مأخذها؛ وهي في شعر الهذليين أبيات لم يُرْوَ لشاعر غيرها.

وقد كان قدم مكة أيام مقامي بها شيخٌ بدَويّ من بني عامر بن ربيعة؛ يدعى مطرف بن سفيان، فأنشدنا قصيدة مدح بها جعفر بن محمد الحسني وجدتُها متنافرةَ

<<  <   >  >>