للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهيهات أن يعرضَ لك الأديب الفطِن لقول عامر الثقفي:

كأن ريِّقه لما علا سَبطاً ... أقرابُ أبلق ينفي الخيلَ رمّاح

وقول آخر:

وترى البرقَ عارضاً مُستطيراً ... مرَح البُلق جُلنَ في الأجلال

إلا عن روية كثيرة، أو فكر طويل، ولو سمعتَ قائلاً يقول إن فلاناً الشاعر أخذ عن فلان قوله: لا مرحباً بالشيب، وحبّذا الشباب! وكيف لو عاد، ويا أسفي لفراق الأحبة! وما لذذت العيش بعدهم، وفاضت عيني صبابةً لذِكرهم. لحكمت بجهله، ولم تشك في غفلته. وقد يكون في هذا الباب ما تتّسعُ له أمة، وتضيق عنه أخرى، ويسبق إليه قوم دون قوم؛ لعادة أو عهد، أو مشاهدة أو مِراس؛ كتشبيه العرب الفتاة الحسناء بتريكة النّعامة، ولعل في الأمم من لم يرَها؛ وحمرةَ الخدود بالورد والتفاح؛ وكثيرٌ من الأعراب لم يعرفهما؛ وكأوصاف الفلاة، وفي الناس من لم يُصْحِر؛ وسيرَ الإبل؛ وكثير منهم لم يركب.

وقد يتفاضل متنازعو هذه المعاني بحسب مراتبهم من العلم بصنعة الشعر؛ فتشترك الجماعة في الشيء المتداوَل، وينفردُ أحدهم بلفظة تُستعذب، أو ترتيب يُستحسَن، أو تأكد يوضع موضعه، أو زيادة اهتدى لها دون غيره؛ فيريك المشترَك المبتذل في صورة المبتدَع المخترع، كما قال لبيد:

<<  <   >  >>