للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال رجل لابنه: لو أوصيت بك إلى فلان؟ فقال: يا أبت إذا لم يكن للحي إلا وصية الميت، فالحي هو الميت.

ودخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك، فقال له: من أنت؟ كأنه لا يعرفه، فقال له الفرزدق: أو ما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا قال: أنا من قوم منهم أوفى العرب، وأسود العرب، وأجود العرب، وأحلم العرب، وأفرس العرب، وأشعر العرب، قال سليمان: والله لتبينن ما قلت، أو لأوجعن ظهرك ضرباً، قال: نعم يا أمير المؤمنين، أما أوفى العرب فحاجب بن زرارة الذي رهن قومه عن جميع العرب، فوفى بها، وأما أسود العرب فقيس بن عاصم الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فبسط له رداءه، وقال: هذا سيد الوبر، وأما أحلم العرب فالأحنف بن قيس الذي ضرب به المثل، وأما أجود العرب فعتاب بن ورقاء الرياحي، وأما أفرس العرب فالحريش بن عبد الله السعدي، وأما أشعر العرب فها أنا بين يديك، فاغتم سليمان مما سمع من فخره، ولم ينكره، وقال: ارجع على عقبيك؛ فما لك عندنا من ناشئ خير.

وقال أبو عبيد: اجتمعت وفود العرب عند النعمان بن المنذر، فأخرج لهم بردين، وقال: ليقم أعز العرب قبيلة فليلبسهما، فقام عامر بن الحمير السعدي، فاتزر بأحداهما، وارتدى بالآخر، فقال له النعمان: بم أنت أعز العرب؟ قال: العز والعدد في العرب في معد ثم في نزار، ثم في تميم، ثم في سعد، ثم في كعب، ثم في عوف، ثم في بهدلة، فمن أنكر هذا من العرب، فلينافرني، فسكت الناس، فقال النعمان: هذه حالتك في قومك، فكيف أنت في نفسك وأهل بيتك؟ قال: أنا أبو عشرة وعم عشرة وخال عشرة. فأما أنا في نفسي فهذا شاهدي، ثم وضع قدميه في الأرض، وقال: من أزالها من مكانها فله مائة من الإبل فلم يقم إليه أحد، فذهب بالبردين.

وروي لما هدم الوليد كنيسة دمشق، كتب إليه ملك الروم: أنت هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها. فإن كان صواباً فقد أخطأ أبوك، وإن كان خطأ، فما عذرك؟ فكتب إليه (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شهدين ًَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً) .

وقال العتبي: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عما لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا شيء، وابعث لي ببذر كل شيء، فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، فقال: أما ما لا قبلة له فالكعبة، ومن لا أب له فعيسى عليه السلام، ومن لا عشيرة له فآدم عليه السلام، ومن سار به قبره فيونس عليه السلام، وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم وناقة صالح وحية موسى عليه السلام، وأما شيء فالرجل له عقل يعمل به، وأما نصف الشيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذي العقل، وأما لا شيء فالذي ليس له عقل يعمل به، ولا يستعين بعقل غيره، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بذر كل شيء، فبعث معاوية إلى قيصر، فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من بيت النبوة.

وكتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان: أكلت لحم الجمال التي هرب عليها أبوك من المدينة إن لم أغزك جنوداً مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف فبعث عبد الملك إلى الحجاج فقال: ابعث إلي علي بن الحسين وتواعده، واكتب لي بما يقول لك، ففعل الحجاج فقال له علي بن الحسين: إن لله لوحاً محفوظاً يلحظه في كل يوم ثلاثمائة لحظة، ليس فيها لحظة إلا ويحيي فيها ويميت، ويعز ويذل ويفعل ما يشاء، وإني لأرجو أن يكفيك منها بلحظة واحدة، فكتب به الحجاج إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الروح، فما قرأه ملك الروم قال: ما خرج هذا الكلام إلا من بيت النبوة.

وقال رجل لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث، قال: ليتك تختمه كل ثلاثين، وتدري أي شيء تقرأ.

وسار إبراهيم النخعي في طريف، فلقيه الأعمش، فانصرف معه، فقال إبراهيم: الناس إذا رأوا قالوا: الأعمش والأعور، فقال: وما عليك أن يأثموا، ونؤجر، قال: وما عليك أن يسلموا ونسلم.

وسأل رجل ابن سيرين عن مسألة فيها أغلوطة، فقال له: أمسك حتى تسأل عنها أخاك إبليس.

وقيل لابن عباس: ما تقول في رجل طلق زوجته عدد نجوم السماء قال: يكفيه منها كواكب الجوزاء.

<<  <   >  >>