للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الأصمعي: رأيت أعرابياً في زمن الصيف، ينغمس في ماء، ويقوم ومعه خيط كبير فيه عقد كثيرة، فقلت له: ما هذا، قال: جنابات اكتسبناها في الشتاء، نقضي طهارتها في الصيف.

وأحرق فران طاجناً لفقيه، فجاء ووقف على باب الفرن، وقال: أيها الفرين المسكين، أضرمت اليوم السعير، وأحرقت الطجير، فورب العالمين، لولا أنك عندنا أمين، لضربتك بهذا الإطربزين، وأكلت من السياط مائة وتسعين، ولبثت في السجن بضع سنين، فقال له الفران: (وسلم على المرسلين والحمد لله رب العلمين) .

وقال الأصمعي: دخلت المدينة، فوجدت بها بقالاً، يوقد سراجاً في الظهر، ويشعله، فسألته عن ذلك فقال: أرى الناس يبيعون عندي غيري، ويشترون من عند غيري، فأظن أنهم لا يرونني، فأشعل السراج.

وغضبت أم حصى يوماً عليه، فقالت له: يا بني، حملتك في بطني تسعة أشهر، وأرضعتك وربيتك، ولا تكافئني على ذلك، فقال لها: أنت تمنين علي بدخولي في بطنك تسعة أشهر، ادخلي أنت في سوأتي تسع سنين.

ودخل أصم الحمام، فجعل رجل يخرج ريحاً، فلما كان بعد ساعة، قال له في أذنه: أولا تسمع شيئاً؟ قال: لا والله يا حبيبي، إلا خروج الريح أسمعه خيالاً.

وقيل لرجل: ما ورثت أختك من زوجها؟ قال: "أربعة أشهر وعشراً".

وحكى مطرف قال: أتيت مالك بن أنس يوماً وهو يضحك، وكان ضحكه غريباً فسألته عن ذلك فقال: قام هنا إنسان يصلي، فجعل يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فأرتج عليه، فجعل يرددها مراراً، فقال له رجل: ما أعرف هنا للشيطان ذنباً، إلا أنك لا تحسن أن تقرأ.

وبعث الرشيد إلى أبي نواس براءة مختومة، فلما فتحها، لم يجد فيها شيئاً، ففكر طويلاً، ثم رأى الرجل الذي جاء بها أصلع، وهو يطلب منه الجواب، فقال له: إن أردت الجواب، فإنما أكتبه في رأسك، وإلا انصرف دون جواب، فقال له: اكتب، فكتب فيه شعراً، وكتب في آخره: وبالله إلا مزقتم الرقعة إذا قرأتموها، فلما قرأ الرشيد ذلك أمر بصفع الرجل، فصفع حتى امتحى ذلك الكتاب بالصفع، والرشيد يضحك.

وقال أشعب الطماع: رأيت رؤيا، نصفها حق، ونصفها باطل، فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت أرى أحمل بدرة دراهم، فمن ثقلها كنت أسلح في ثيابي، فانتبهت فإذا السلح، ولا بدرة.

وقال لأمه: رأيتك في النوم مطلية بعسل، وأنا مطلي بسلح قالت له: هذا عملك الخبيث، ألبسه الله لك، قال: بقي في الرؤيا شيء، قالت: وما هو؟ قال: رأيتك تلعقينني وألعقك، قالت: لعنك الله يا فاسق.

وأراد رجل أن يتزوج في قوم، فجاء بخطيب، فاستفتح خطبة النكاح بحمد الله، فأطال، ثم ذكر خلق السماوات والأرض، ثم ذكر القرون الماضية حتى ضجر من حضر، ثم التفت إلى الخاطب، فقال: ما اسمك أعزك الله: قال: قد والله نسيت اسمي من طول خطبتك، وهي طالق، وإن تزوجتها، فضحك القوم، وقعدوا في مجلس آخر.

وزوج خالد بن صفوان عبده أمته، فقال له: لو دعوت الناس فخطبت فقال: ادعهم أنت، فدعاهم، فلما اجتمعوا تكلم خالد، فقال: إن الله أجل وأعظم من أن يذكر في نكاح الكلبين، وأنا أشهدهم أني قد زوجت هذه الزانية من هذا ابن الزانية، فضحك القوم من ذلك.

وخطب مصعب بن حيان خطبة نكاح، فأرتج عليه، فقال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فقالت أم الجارية: عجل الله موتك، ألهذا دعوناك، فضحك القوم وانصرفوا.

ووجد رجل في شجرة تين باكورتين في غير إبان الباكور، فجعلهما في طيفور على رأس غلام ليهديهما الملك، فأحس الغلام بخفة الطيفور، وأراد أن يعلم ما فيه، فرفع الغطاء وأدخل يده، فلم يجد في الطيفور غير الباكورتين. فأخذ واحدة، فأكلها، فلما وضع الطيفور بين يدي الملك بمحضر صاحب الهدية، أمره أن يرفع الغطاء عن الطيفور، فلما رفع لم يجد في الطيفور غير باكورة واحدة، فقال للغلام: ما فعلت بالأخرى؟ فقال: هكذا، وأخذ الباكورة التي بقيت، ورمى بها في فمه وأكلها، فضحك الملك من فعله.

وقال الأصمعي: دخل أبو بكر الهجري على المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين أصيب فمي، وأنتم أهل بيت بركة، فلو أذنت لي، فقبلت رأسك لرجوت الراحة، فقال: اختر بينه وبين الجائزة، فقال: يا أمير المؤمنين أهون علي من ذهاب درهم من الجائزة ألا يبقى من فمي سن، فضحك المنصور وأمر له بجائزة.

<<  <   >  >>