للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفاءلت بأن تبقى ... فأهديت لنا النبقا

فأبقاك إله النا ... س ما سرك أن تبقى

وأشقى الله شانيك ... وحاشا لك أن تشقى

? ? ? وأما البنفسج أيضا فقد قال فيه الشاعر:

أهدت إليه بنفسجا يسليه ... تنبيه أن بنفسها تفديه

فارتاح بعد صبابة وكآبة ... ورجا لحسن الظن أن تدنيه

? ? ? وأما الورد فقد تفاءل كثير من الظرفاء. أنشدني بعض الأدباء:

أهدى له وردا فأخبره أنه ... في الواردين ولم يكن ورادا

فارتاح من فرح بطيب وفوده ... وعدا له ورد الحياء فزادا

? ? ? وأهدى بعض الكتاب نعلا وكتب على شراكها:

لي فؤاد شفه الحز ... ن وأضناه الصدود

وهواي كل يوم ... هو ينمى ويزيد

وأخبرني من رأى نعلا من فضة أهديت لبعض الظرفاء, عليها مكتوب:

بأبي أنت سيدي ومناي ... جعل الله والدي فداكا

لك خدي من الثرى لك نعلا ... قد للنعل من فؤادي شراكا

? ? ? وقرأت في تفليج أترجة أهديت لبعض الظرفاء:

هي في العالم كالشم ... س أضاءت في البلاد

وهي في كل كمال ... قد علت فوق العباد

وأخبرني من قرأ في تفليج تفاحة:

أنا للعاشق منسوبه ... أهدى لمحبوب ومحبوبه

? ? ? وحضرت هدية لبعض متطرفات القيان إلى بعض ظرفاء الكتاب وفيها تفاحة تفليجها مكتوب:

ليس تفاحة بأطيب طيبا ... من حبيب معانق لحبيب

وأترجة في تفليجها مكتوب:

أهدى هلال لكل يوم ... إذا بدا الثغر بابتسام

٤- العقد الفريد -لابن عبد ربه ٠المتوفي سنة ٣٢٧ هـ) طبع في القاهرة ١٣٦٩ هـ- ١٩٥٠ م

[الهدايا]

كتب سعيد بن حميد إلى بعض أهل السلطان في يوم النيروز: أيها السيد الشريف, عشت أطول الأعمار, بزيادة من العمر, موصولة بقرائنها من الشكر, لا ينقضي حق نعمة حتى تجدد لك أخرى, ولا يمر بك يوم إلا كان مقصرا عما بعده, موفيا على ما قبله. إني تصفحت أحوال الأتباع الذين تجب عليهم الهدايا إلى السادة فالتمست التأسي بهم في الإهداء, وإن قصرت بي الحال عن الواجب, وإني وإن أهديت نفسي فهي ملك لك, لا حظ فيها لغيرك, ورميت بطرفي إلى كرائم مالي فوجدتها منك. فكنت إن أهديت منها شيئا كمهدي مالك إليك, وفزعت على مودتي, فوجدتها خالصة لك قديمة غير مستحدثة, فرأيت إن جعلتها هديتي لم أجدد لهذا اليوم الجديد برا ولا لطفا, ولم أميز منزلة من الشكر بمنزلة من نعمتك, إلا كان الشكر مقصرا عن الحق والنعمة زائدة على ما تبلغه الطاقة, فجعلت الاعتراف بالتقصير عن حقك هدية إليك والإقرار بما يجب لك برا أتوصل به إليك, وقلت في ذلك:

إن أهد مالا فهو واهبه ... وهو الحقيق عليه بالشكر

أو أهد شكرا فهو مرتهن ... بجميل فعلك آخر الدهر

والشمس تستغني إذا طلعت ... أن تستضئ بسنة البدر

? ? ? وكتب بعض الكتاب إلى بعض الملوك: النفس لك, والمال منك, والرجاء موقوف عليك, والأمل مصروف نحوك, فما عسى أن أهدى إليك في هذا اليوم, وهو يوم سهلت فيه العادة سبيل الهدايا للسادة, وكرهت أن نخليه من سنته, فنكون من المقصرين, أو أن ندعى أن في وسعنا ما يفي بحقك علينا, فنكون من الكاذبين, فاقتصرنا على هدية تقضى بعض الحق, وتنفي بعض الحقد وتقوم عندك مقام أجمل البر. ولا زلت أيها الأمير دائم السرور والغبطة, في أتم أحوال العافية, وأعلى منازل الكرامة تمر بك الأعياد الصالحة, والأيام المفرحة, فتخلقها وأنت جديد, تستقبل أمثالها فتلقاك ببهائها وجمالها. وقد بعثت الرسول بالسكر لطيبه وحلاوته, والسفرجل لفأله وبركته والدرهم لبقائه عند كل من ملكه ولا زلت حلو المذاق على أوليائك مرا على أعدائك, متقدما عند خلفاء الله الذين تليق بهم خدمتك وتحسن أفنيتهم بمثلك. وقد جمعنا في هذه القصيدة ثناء ومسرة واعتذارا وتهنئة. وهي:

غاد في المهرجان كأسا شمولا ... وأطعني ولا تطيعن عذولا

فهو يوم قد كان آباؤك الغ ... ر يحلونه محلا جليلا

إن للصيف دولة قد تقضت ... وأراك الشتاء وجها جميلا

وتجلت لك الرياض عن النو ... ر فكانت عن كل شيء بديلا

فتمتع باللهو لا زلت جذلا ... ن وطرف الزمان عنك كليلا

<<  <   >  >>