للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهنيتها راكباً في الملا ... ومتعت خلوتها خاليا

لعلك ترزق منها فتى ... يكون لنما سيداً كاليا

فيكسب أعمامه مفخراً ... وأخواله شرفاً عاليا

حدثنا أبو سوادة الحاسب قال: حدثني عبد الرحمن بن أحمد الكاتب العبرناني قال: كنت أكتب لسليمان بن عبد الله بن يحيى بن معاذ فأتيت يوماً بمرماحوز فبعثت إليه منه شمامة في مكبة مختومة وكتبت معها:

لم تر مسكاً قبله نابتاً ... ينفح من فرع ومن أصل

يرى لكل البيت في جنبه ... مذلة الهجر مع الوصل

من ذاك وكلت به خاتماً ... يمنعه من شمة الرسل

وأهدى علي بن الجهم إلى بعض إخوانه كلباً وكتب معه:

أوصيك خيراً به فإن له ... عندي يداً لا أزال أحمدها

يدل ضيفي علي في غسق الل ... يل إذا النار نام موقدها

وحدثنا أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب قال: أهدى أحمد بن يوسف الكاتب إلى المأمون، في يوم نوروز، هدية جليلة القدر، وكتب معها:

على العبد حق فهو لا بد فاعله ... وإن عظم المولى وجلت فضائله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للمليك لقدره ... لقصر فضل المال عنه وباذله

ولكننا نهدى إلى من نعزه ... وإن لم يكن في وسعنا ما يعادله

وقال: وأهدى عبد الرحيم بن أحمد بن يزيد ين الفرج إلى عمه دواة وكتب معها:

لم تر سوداء قبلها ملكت ... نواظر الخلق والقلوب معا

كأنما الليل حاك رونقها ... فكان طباً بنسج ما صنعا

لا الطول أزرى بها ولا قصر ... لكن أتت والبهاء مجتمعا

تريك جنحاً من الظلام لها ... وبارقاً بائتلافها لمعا

وحدثنا الخباز البلدي قال: أهديت إلى بعض العمال نبيذاً وكتبت معه:

أستاذنا والذي نؤمله ... للدهر من كل ما يحاذره

لهذا نبيذ رايته حسناً ... مستعذباً يرتضيه خابزه

أحببت أن أوثر الرئيس به ... من دون نفسي ومن أعاشره

وإن عذري في فرط قلته ... باطنه واضح وظاهره

إذ كان هذا الذي بعثت به ... أول ما عندنا وآخره

وأهدى بعض إخواننا إلى صديق له سكينا عليها طائر مذهب، وكتب معها ابياتاً منها:

أوقد الصقل ماء إفرندها الجاري ... فجاءت كالنار ذات اشتعال

جو نور لم تخله بدعة الصن ... عة من طائر بديع المثال

عام في لؤلؤ ولكنه قد ... قام فيه مذهب السربال

الباب الثاني

في ذكر من أهديت إليه هدية فشكر عنها بشعر

حدثنا الصداني قال: أهدى محمد بن علي القمى إلى البحتري غلاما فاشتغل به أياما عن حضور مجلسه، فكتب إليه محمد:

هجرت كأن الوصل أعقب هجرة ... وما خلت وصلا قبلها أعقب الهجرا

فأجاب البحتري:

فتى مذحج عفوا فتى مذحج غفرا ... لمعتذر جاءت إساءته تترى

أتاني قريض منك يحدوه نائل ... فأنطقني جودا وأفحمني شعرا

وأكسبني شغلا عن الوصل شاغلا ... تعاتبني فيه وتعتده هجرا

فإن كنت مشغوفا بقربي آنسا ... بشخصي فلم خولتني ذلك البدرا؟

وما هو إلا درة لم أجد لها ... سوى جودك الأمسى إذ برزت نحرا

حملت عليه في سبيل فتوة ... هي الثغر خلف المجد بل تفضل الثغرا

وجدت نداك اليوم ألطف موقعا ... ود كنت لي خلا فأصبحت لي صهرا

قال وأهدى إليه عبد الله بن السحين بن سعد القطربلي نبيذا أصفر في إناء زجاج أزرق فكتب إليه البحتري شعرا منه هذه الأبيات:

حبذا أنت من منمم بر ... يفرج الهم أو معظم رفد

طرقتنا تلك اهدية والصه ... باء من خير ما تبرعت تهدي

لبست زرقة الزجاج فجاءت ... ذهبا يستنير في لازورد

قال: وأهدى إليه محمد بن علي القمي نبيذا مع غلام حسن الوجه، فجمشه البحتري، وكتب معه إلى صاحبه هذه الأبيات:

أبا جعفر كان تجميشنا ... غلامك إحدى الهنات الدنية

بعثت إلينا بشمس المدا ... م تضيء لنا مع شمس البرية

فليت الهدية كانت رسولا ... وليت رسولك كان الهدية

فوهب له الغلام لما قرأ الأبيات.

<<  <   >  >>