طيلسان ابن حرب -كان محمد بن حرب أهدى إلى الحمدوني طيلسانا خلقا, وكان الحمدوني يحفظ قول أبى حمران السلمي في طيلسانه وهو:
يا طيلسان أبى حمران قد برمت ... بك الحياة فلا تلتذ بالعمر
فاحتذى حذوه وانسالت عليه المعاني حتى قال في وصف الطيلسان قرابة مائتي مقطوعة ولا تخلو واحدة منها من معنى بديع. وصار الطيلسان عرضة لشعرة ومثلا في البلاء والخلوقة والانخراط في سلك حمار طياب وشاة سعيد وضراطة وهب -المتقدم ذكر كل منها- فمن نوادر ما قال فيه:
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا ... مل من صحبة الزمان وصدا
طال ترداده إلى الرفو حتى ... لو بعثناه وحده لتهدى
١٠- التمثيل والمحاضرة للعلامة أبى منصور الثعالبي النيسابوري آخر:
للهدايا من القلوب مكان ... وحقيق بحبها الإنسان
آخر:
إن الهدية حلوة ... كالسحر تجتلب القلوبا
تدنى البعيد من الهوى ... حتى تصيره قريبا
آخر:
رويت في السنة المشهورة البركه ... أن الهدية في الإخوان مشتركه
١١- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء لأبى القاسم حسين بن محمد المعروف بالراغب الأصبهاني (المتوفي ٥٠٢ هـ) القاهرة ١٢٨٧ هـ
[ومما جاء في الهدايا]
(الحث على الإهداء وذكر فضيلته) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا) وقال: (الهدية تسل السخيمة) وقال عمر رضي الله عنه: نعم الشيء الهدية بين يدي الحاجة. وفي الخبر (إذا قدم أحدكم من سفر فليهد على أهله وليطرفهم وإن حجارة) وقيل: "اسكفة الباب تضحك من الهدية". وقيل: "الهدية هداية". وقال:
ما من صديق وإن تمت صداقته ... يوما بأنجح في الحاجات من طبق
لا تكذبن فإن الناس مذ خلقوا ... عن رغبة يعظمون الناس أو فرق
أما الفعال ففوق النجم مطلبه ... والقول يوجد مطروحا على الطرق
آخر:
إذا أتت الهدية دار قوم ... تطايرت الأمانة من كواها
وقيل: "الهدية بضاعة تيسر الحاجة ومن صانع بالمال لم يحتشم". قال الغاضري لأصحابه: أي راكب أحسن؟ فقال بعضهم: تمرة على زبدة, فقال: لا بل هدية على حمال. ومن أمثال الفرس: "الهدية تغالط العقول".
(الحث على قبول الهدية) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الهدية رزق الله فمن أهدى إليه شيء من غير سؤال ولا إسراف فليقبه فإنما هو رزق ساقه الله إليه) وقال: (من سألكم بالله فأعطوه ومن استعاذكم فأعيذوه ومن أهدى إليه كراع فليقبله) .
وقال: (لو أهدى على كراع لقبلت ولو دعت على كراع لأجبت) .
(الحث على المقابلة) قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) .
فسره بعضهم بالهدية وجعل الثواب بها واجبا. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب علبها ما هو خير منها. أنشدني بعضهم:
رأيت الناس طرا في الهدايا ... كبيع السوق خذ منى وهات
* * * (طلب الهدية ومعاتبة من تركها) روى أن رجلا أهدى إلى الحسن والحسين رضي الله عنهما ولم يهد إلى ابن الحنيفة فأنشأ أمير المؤمنين على رضي الله عنه يقول:
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
* * * وكتب رئيس على بعضهم: لا تهدين ما يجحف بحالك فإنه لا يزيد في مالي ولا يمنعك من ملاطفتي بيسير, واللطف استعظامك لمكاني فالكثير منك يسير واليسير عندنا كثير والسلام. المعيطي:
أتاني أخ من غيبة كان غابها ... وكنت إذا ما غاب أنشده الركبا
فجاء بمعروف كثير فدسه ... كما دس راعى السوء في حضنه وطبا
فقلت له: هل جئتني بهدية ... فقال: بنفسي, قلت: أطعمتها الكلبا
هي النفس لا أرثى لها من ملمة ... ولا أتمنى إن نأيت لها قربا
* * * (الهدية مشتركة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم بهدية فجلساؤه شركاؤه فيها) , وكان الهيثم بن عدى يحدث بهذا الحديث فما تمم حتى طلعت هدية فقال ما خلا هذه.