للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو جواد بأبيض من بنى الأصفر محض الجدود محض النجار

لم ترم قومه السرايا ولم يغزهم غير جحفل جرار

أو خميس كأنما طرقوا منه بليل أو صبحوا بنهار

في زهاه "أبو سعيد" على آ ... ثار خيل قد حاجزته بثار

يتلظى كأنه لصفوف السبى في جانبيه "ذو الأذعار"

فحوته الرماح أغيد مجدو ... لا قصير الزنار وافى الإزار

فوق ضعف الصغار إن وكل الأمر غليه ودون كيد الكبار

لك من ثغره وخديه ما شئ ... ت من الأقحوان والجلنار

أعجمي إلا عجالة لفظ ... عربي تفتح النوار

وكأن الذكاء يبعث منه ... في ظلام الخطوب شعلة نار

يا "أبا جعفر" وما أنت بالمد ... عو إلا لكل أمر كبار

ولعمري للجود للناس بالنا ... س سواه بالثوب والدينار

وعزيز إلا لديك بهذا الف ... خ أخذ الغلمان بالأشعار

* * * وحدثنا الصولي قال: قال لي ابن المعتز: الذي حداني على قول الشعر, ورغبني فيه أنى رأيت البحتري يوماً ينشد الماضي -رضي الله عنه- شعرا افتن فيه برقة النسيب, وجودة المديح, ثم خرج من ذلك إلى استهداء خاتم ياقوت فأبدع, وأول الشعر:

بودي لو يهوى العذول ويعشق ... فيعلم أسباب الهوى كيف تعلق

والأبيات التي يستهدى بها الخاتم:

فهل أنت يابن الراشدين مختمي ... بياقوتة تبهي على وتشرق!

يغار احمرار الورد من حسن صبغها ... ويحكيه جادى الرحيق المعتق

إذا برزت للشمس قلت تجارتا ... على أمد أو كادت الشمس تسبق

إذا التهبت في اللحظ ضاهى ضياؤها ... جبينك عند الجود إذ يتألق

علامة جود منك عندي مبينة ... وشاهد عدل لي بنعماك يصدق

ومثلك أهداها وأضعاف مثلها ... ولا غرو للبحر انبرى يتدفق

* * * وحدثنا قال: أهدى محمد بن على بن عيسى الأشعري القمي إلى البحتري فرسا رائعا, فكتب إليه البحتري شعرا يمدحه, ويذكر الفرس, ويصفه, ويستهديه سيفاً, وأول الشعر:

أهلا بذلكم الخيال المقبل ... فعل الذي أهواه أم لم يفعل

يقول فيه:

وأغر في الزمن البهيم محجل ... قد رحت منه على أغر محجل

كالهيكل المبنى إلا أنه ... في الحسن جاء كصورة في هيكل

وافى الضلوع يشد عقد حزامه ... يوم الرهان على معم مخول

يهوى كما هوت العقاب وقد رأت ... صيدا وينتصب انتصاب الأجدل

تتوهم الجوزاء في أرساغه ... والبدر فوق جبينه المتهلل

متوجس برقيقتين كأنما ... يريان من ورق عليه موصل

ذنب كما سحب الرداء يذب عن ... عرف وعرف كالقناع المسبل

جذلان ينفض عذرة في غرة ... يققٍ تسيل حجو لها في جندل

صافى الأديم كأنما عنيت له ... بصفاء نقبته مداوس صقيل

وكأنما نفضت عليه صبغها ... صبهاء "للبردان" أو"قطربل"

وتخاله كُسِيَ الخدود نواعما ... مهما تواصلها بلحظ تخجل

هزج الصهيل كأن في نغماته ... نبرات "معبد" في الثقيل الأول

ملك العيون فإن بدا أعطينه ... نظر المحب إلى الحبيب المقبل

نفسي فداؤك يا "محمد" من فتى ... يوفى على ظلم الخطوب فتنجلي

قد جدت بالطرف الجواد فثنة ... لأخيك من أدد ابيك بمنصل

يتناول الروح البعيد منالها ... عفوا ويفتح في الفضاء المقفل

بإنارة في كل خطب مظلم ... وهداية في كل نفس مجهل

ماض وإن لم تمضه يد فارس ... بطل ومصقول وإن لم يصقل

يغشى الوغى فالترس ليس بجنة ... في حده والدرع ليس بمعقل

مصغ على حكم الردى فإذا مضى ... لم يلتفت وإذا قضى لم يعدل

متألق يبرى بأول ضربة ... ما أدركت ولوانها في "يذبل"

وإذا أصاب فكل شيء مقتل ... وإذا أصيب فما له من مقتل

وكأنما سود النمال وحمرها ... دبت بأيد في قراه وأرجل

حملت حمائله القديمة بقلة ... من عهد عاد غضة لم تذبل

* * * واستهدى أيضا من أبى جعفر محمد بن عبد الحميد فرسا وبغلا بقصيدة أولها:

لم يبق في تلك الرسوم "بمنعج" ... إما سألت معرج لمعرج

يقول فيها في المعنى الذي ذكرنا:

<<  <   >  >>