للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كانت مناظرات بكار مع خال الطحاوي المزني أشهر من أن تخفى، مما كان يدعو المزني إلى النظر في كتب الأحناف، حتى يتأتى له الرد على حجج بكار بن قتيبة، الأمر الذي استرعى الطحاوي وقاده شيئاً فشيئاً إلى مذهب الأحناف.

قال الكوثري (١): (تفقه الطحاوي على الإمام المزني في نشأته، وكلما تقدم في الفقه كان يجد نفسه بين تدافع مد وجزر في التأصيل والتفريع، وبين إقدام وإحجام في النقض والإبرام في قديم المسائل وحديثها، وكان لا يجد عند خاله ما يشفي غلته في بحوثه، فأخذ يرصد ما يعمله خاله في المسائل الخلافية، فإذا هو كثير المطالعة لكتب أبي حنيفة، فينفرد عن إمامه منحازاً إلى رأي أبي حنيفة في كثير من المسائل سجلها في مختصره، وأخذ يطلع على المنهج الفقهي عند أهل العراق فأجتذبه، حتى أخذ يتفقه على أحمد بن أبي عمران بعد أن اطلع على رد بكار بن قتيبة على كتاب المزني، فأصبح في عداد المتخيرين لهذا المنهج نابذا منهجه القديم) (٢).

هذا ما استطعت أن أقف عليه مما كتبه الناس في سبب تحول الطحاوي رحمه الله من مذهب الشافعي إلى مذهب أبي حنيفة.


(١) الكوثري هو: محمد زاهد بن الحسن بن على الكوثري (١٢٩٦ - ١٣٧١ هـ) فقيه حنيفي جركسي الأصل، نشأ بالآستانة، وتفقه فيها وتولي
رياسة مجلس التدريس، واستقر أخيراً في القاهرة وله تآليف كثيرة منها تآليف عن الأئمة الحنفية، كما أن له تعليقات على كتب زمانه في الفقه
والحديث والرجال. (انظر: معجم المؤلفين (٣/ ٣٠٢) والأعلام (٦/ ١٢٩).
(٢) الحاوي (١٥ - ١٦).

<<  <   >  >>