للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - نشأته]

- أولاً: عاش الإمام الطحاوي في القرن الثالث الهجري وبعض من الرابع (٢٣٩ - ٣٢١ هـ) في العصر العباسي الضعيف، الذي يعد المرحلة الأولى لضعف الدولة العباسية، ومن ذلك الحين بدأ يظهر نفوذ الأتراك، وقد كان الخليفة المعتصم (١) هو أول من استكثر منهم واستبعد العرب، فبدأ عهد الاضطراب والفوضى من الناحية السياسية في عاصمة الخلافة: بغداد، حتى أذهب هيبتها وبدأ تفككها، ولم يبق من سلطة الخليفة إلا الاسم ولا من مظاهر الخلافة إلا البهرج والأبهة فحسب.

فاستغل هذا الضعف بعض أمراء الولايات العباسية فأعلن كل واحد استقلال ولايته عن دولة الخلافة، وكانت مصر آنذاك تخضع للدولة العباسية ولكن منذ سيطرة الأتراك بدأ تعيين الوالي من طريقهم، شريطة أن يؤدوا ضريبة أو خراجاً معيناً لدار الخلافة ببغداد، فكثرت الرشاوى وعم الفساد وظهرت الطبقية في ذلك المجتمع، فأصبح الناس ما بين فقر مدقع وغنى فاحش، والكثرة الكاثرة من الناس في أحط درجات البؤس والفقر.

ولما آلت ولاية مصر إلى بايكباك التركي سنة ٢٤٥ هـ بعث أحمد بن طولون (٢)


(١) الخليفة المعتصم: هو محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، الخليفة أبو اسحاق، ولد سنة ١٨٠ هـ وبويع بعهد من
المأمون في سنة ٢١٨ هـ وهو ممن امتحن الناس بخلق القرآن، وكان خروج بابك الخرمي في عهده وقضى عليه بعد أن انفق القناطير
المقنطرة من الذهب والفضة، وهو الذي كتب إلى طاغية الروم لما أرسل الأخير يتهدده كتب إليه: الجواب ما ترى لا ما تسمع وسيعلم الكافر
لمن عقبى الدار، وقد توفى وله ٤٧ سنة في سنة (٢٢٧ هـ). (سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩٠).
(٢) أحمد بن طولون هو: الأمير أبو العباس التركي صاحب الديار المصرية والشامية والثغور، كان عادلاً جواداً شجاعاً حسن السيرة، محباً

لأهل العلم موصوفاً بالشدة على خصومه والفتك بمن عصاه، كان أبوه مولى لنوح بن أسد الساماني (عامل بخارى وخراسان) فأهداه نوح
إلى المأمون فكان من عداد الجنود التركية، وولد له أحمد سنة (٢٢٠ هـ) في سامرا، وتقدم عند الخليفة المتوكل إلى أن ولي إمرة الثغور
ودمشق ثم مصر حتى أسس دولة آل طولون في مصر سنة (٢٤٥ هـ) وله إصلاحات فيها مات سنة (٢٧٠ هـ)،
(وفيات الأعيان) (١/ ١٧٣).

<<  <   >  >>