[الفصل الأول: منهج الإمام أبي جعفر الطحاوي في التفسير]
[المبحث الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن]
إن تفسير القرآن بالقرآن هو أعلى درجات التفسير وأكملها إذ لا أحد أعلم بكلام الله من الله جلّ وعلا، ولهذا فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً فما أجمل أو أبهم في موضع فإنه يكون مبيناً معيناً في موضع آخر.
لهذا كان لابد لمن يتعرض لتفسير كتاب الله جلّ وعلا أن يعتمد على هذا المصدر أولاً، وهو ما كان من الإمام الطحاوي حيث اعتمد هذا المصدر في مواضع من تفسيره. ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:-
١ - ما ذكره عند قوله جلّ وعلا:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[البقرة:٢٣١] حيث قال: وهن إذا بلغن أجلهن، انقطعت الأسباب بينهن وبين مطلقيهن، فاستحال أن يمسكوهن بعد ذلك، وقد بين الله تعالى ذلك في الآية الأخرى، وهي قوله تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة:٢٣٢]، قدل ذلك أنهن بعد انقضاء آجالهن حلال. لمن يريد تزويجهن، وكان ذلك دليلاً أن مراده تعالى في الآية الآخرى بذكره بلوغ الأجل أنه قرب بلوغ الآجل لا حقيقة بلوغه.
(شرح مشكل الآثار ٢/ ٩٠)
٢ - ما ذكره عند قوله جل وعلا:{فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}[البقرة:٢٨٢].