للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الأنعام]

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام:٣٨].

قال أبو جعفر الطحاوي: فأخبر عز وجل أنهم أمم أمثالنا، ولم يرد بذلك أنهم أمثالنا في الخلقة التي نتباين نحن وهم فيها، ولا أنهم مثلنا في أنا متعبدون بما أتانا الله عز وجل فيما نعبد لأنه مما لم يتعبدهم به، ومثل ذلك قوله عز وجل: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:١٢]، يعني: مثل السماوات، ليس يعني بذلك فيما خلقهن عليه، ولكنه على أن لهن من العدد مثل ما للسماوات من العدد.

(شرح مشكل الآثار - ٧/ ٧٨)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد (بالمماثلة) الواردة في الآية هو: المماثلة في العدد، وليس في أي شيء آخر.

وإليك بيان أقوال المفسرين في ذلك:

القول الأول: أن المراد بالمماثلة هو: أن عدد كل أمة من المخلوقات يماثل عدد بني آدم.

ومن أمثلة المماثلة في العدد: قوله جل وعلا: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:١٢].

فالمراد بالمماثلة في الآية: المماثلة في العدد، فكما أنه جل وعلا خلق سبع سماوات، فكذلك خلق سبع أرضين.

- وهذا قول: أبي جعفر الطحاوي. (١)

القول الثاني: أن المراد بالمماثلة هو: أن هذه المخلوقات أجناس وأصناف تتمايز في الصور والأسماء.

فكل جنس من الحيوان أمة، فالطير أمة، والدواب أمة، والسباع أمة، تعرف بصورها وأسماءها كما يعرف بذلك بني آدم.

- وهذا قول: مجاهد. (٢)


(١) شرح مشكل الآثار (٧/ ٧٨).
(٢) انظر: تفسير الماوردي (٢/ ١١٢) - وتفسير البغوي (٣/ ١٤١).

<<  <   >  >>