للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر: وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال: سَفِهَ نَفْسَهُ: أهلكها وأوبقها (١)، وقد يكون ذلك ممن يكون معه من الحزم في ماله ما ليس مع من لا يختلف في صلاحه في دينه.

وقال الكسائي (٢): السفيه: الذي يعرف الحق، وينحرف عنه عناداً، وقرأ: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} [البقرة:١٣] قال: يقول: الذين عرفوا الأمر، وعندوا عنه.

وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما قد تقدمت روايتنا له فيما قد تقدم من كتابنا هذا في (الِكبْرِ) أنه من يدفع الحق، وفي ذلك ما قد دل أنه أريد بذلك: من معه معرفة والعنود عنها، والتمسك بضدها.

ففي ذلك ما قد دل: أن السفه المذكور في الآية التي تلونا ليس على سفه الفساد في المال، ولكنه على ما سواه من وجوه السفه.

وقد قال قائل: إن هذه الآية التي تأولنا أدل أنه في القرآن على استعمال الحجر - وهو الشافعي - قال: لأن فيها: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:٢٨٢] فكان من حجتنا عليه في دفع ما تأولها عليه: في أول الآية من مداينة من قد وصف في آخرها بالسفه، وفي ذلك ما يدفع ما قال.


(١) مجاز القرآن (١/ ٥٦).
(٢) الكسائي هو: أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الكوفي الكسائي، شيخ القراءة والعربية، اختار قراءة اشتهرت، وصارت إحدى السبع، وله
عدة تصانيف منها: معاني القرآن - والنوادر الكبير - وكانت وفاته بالري سنة (١٨٩ هـ) (سير أعلام النبلاء -٩/ ١٣١).

<<  <   >  >>