للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قوله جل وعلا: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٤]: لما كان بلفظ عام، ظن الصحابة - رضوان الله عليهم - أن الخواطر داخلة فيه. فجاء قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]: بياناً للمعنى المراد، وأن التكليف إنما هو بما في وسع الإنسان، وأما الخواطر فليست هي ولا دفعها مما في وسع الإنسان. وكان في هذا البيان كشف لكربهم، وفرج لهم. (١)

فقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٤] جاء تكليفاً بما في وسع الإنسان.

وقوله تعالى ذكره: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] جاء بياناً للمراد، وليس لنسخ شيء كان مراداً.

ب- أن حكم المؤاخذة بالمخفي، ثابت لم ينسخ.

ثم اختلف أصحاب هذا القول على ثلاثة أقوال:-

١ - أن حكم المؤاخذة ثابت على العموم.

- وهذا قول: ابن عباس - وابن عمر - والحسن، واختاره القاضي أبو يعلى - وأبو سليمان الدمشقي. (٢)

- ومعنى الآية: إن تبدوا ما في قلوبكم مما عزمتم عليه، أو تخفوه ولا تبدوه، وأنتم عازمون عليه يحاسبكم به الله، فأما ما حدثتم به أنفسكم مما لم تعزموا عليه، فإن الله لا يحاسبكم عليه، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. (٣)

٢ - أن حكم المؤاخذة ثابت، لكن معناه: إطلاع العبد على فعله وإعلامه به.

- وهذا قول: ابن عباس - والربيع بن أنس. (٤)


(١) انظر: تفسير ابن عطية (٢/ ٣٨٣) ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٤/ ١٠٠).
(٢) ناسخ القرآن لابن الجوزي - (٢٦٨).
(٣) تفسير البغوي (١/ ٣٥٦).
(٤) ناسخ القرآن لابن الجوزي (٢٦٨).

<<  <   >  >>