للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ودليل هذا القول: أن الله جل وعلا لما نهى عن كتمان الشهادة في الآية المتقدمة بقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣)} [البقرة: ٢٨٣].

بين في هذه الآية أنه جل وعلا محاسب ومجازي على الكتمان والإظهار للشهادة. (١)

- وقد رد هذه القول: بأن هذه الآية وإن جاءت بعد النهي عن كتمان الشهادة، فإنه لا يلزم قصرها عليه، لأن لفظ الآية أعم من ذلك. (٢).

٢ - أنه خاص بالشك واليقين.

- وهذا قول: مجاهد.

والمراد: أن الله جل وعلا يغفر لأهل اليقين، ويعذب أهل الشك والنفاق.

- وقد رد هذا القول: بأنه تخصيص بلا مخصص. (٣)

٣ - أنه خاص بالسوء والمعصية.

- وهذا قول: الكلبي - والزمخشري. (٤)

قال أبو حيان: وهذا حسن، لأنه جاء بعد ذلك الغفران والتعذيب. (٥) فقال جل ذكره: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٨٤]

٤ - أنه خاص بموالاة الكافرين دون المؤمنين.

ومعنى الآية: إن تعلنوا ما في أنفسكم من ولاية الكفار، أو تسروها يحاسبكم بها الله.

- وهذا قول: مقاتل - والواقدي.

- ويستدل لهذا القول: بقوله جل وعلا في سورة آل عمران: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [آل عمران:٢٩ - ٢٨]


(١) تفسير ابن عطية (٢/ ٣٨١).
(٢) تفسير الرازي (٧/ ١٢٦).
(٣) انظر: معاني القرآن للنحاس (١/ ٣٢٨) - وتفسير الشوكاني (١/ ٤٥٥).
(٤) انظر: تفسير السمرقندي (١/ ٢٣٩) - وتفسير الزمخشري (١/ ٥١٨).
(٥) تفسير أبي حيان (٢/ ٧٥١).

<<  <   >  >>