ثم قال عز وجل:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}[آل عمران:٧] والزيغ: الجور عن الاستقامة، وعن العدل، وترك الإنصاف لأهلها، فيتبعون ما تشابه منه. يطلبون بذلك مثل الذي كان من الأمم الخالية فيما جاءتهم به رسلهم صلوات الله عليهم. {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}[آل عمران:٧] وهي: فساد ذات البين، حتى يكون عنها القتل وما سواه مما يجلبه من البغضاء والشحناء، والتفرق الذي تجري معه الأمور بخلاف ما أمر الله عز وجل به فيها بقوله:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:١٠٣] ومن كان كذلك، خرج من الإسلام، وصار من غيره، واستحق النار ثم أخبر عز وجل في هذه الآية بعجز الخلق عن تأويل المتشابه الذي ذكره فيها بقوله عز وجل:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران:٧]، ثم أخبر عز وجل بما يقوله الراسخون في العلم في ذلك ليمتثلوه ويتمسكوا ويقتدوا بهم فيه وهو قوله عز وجل:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}[آل عمران:٧] فهكذا يكون أهل الحق في المتشابه من القرآن يردونه إلى عالمه وهو الله عز وجل، ثم يلتمسون تأويله من المحكمات اللاتي هن أم الكتاب، فإن وجدوه فيها، عملوا به كما يعملون بالمحكمات، وإن لم يجدوه فيها لتقصير علومهم عنه، لم يتجاوزوا في ذلك الإيمان به، ورد حقيقته إلى الله عز وجل، ولم يستعملوا في ذلك الظنون التي حرم الله عليهم استعمالها في غيره، وإذا كان استعمالها في غيره حراماً، كان استعمالها فيه أحرم.
(شرح مشكل الآثار -٦/ ٣٣٧ - ٣٤٠)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي المراد بهذه الآية من خلال المسائل التالية:-
١ - بين أن الآيات المحكمات هي: الآيات المتفق على معرفة المراد بها.
وأن الآيات المتشابهات هي: الآيات المختلف على معرفة المراد بها.