للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر: فكان في هذه الروايات قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١] عند حضه إياهم على صلة أرحامهم لما رأى من أهلها من الجهد، والضر، والحاجة.

فكان ذلك دليلاً أنه قرأها بالنصب، بمعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وكان ما حملها عليه من قرأها بالجر على تساؤلهم كان بينهم بالله تعالى والأرحام، ولم تكن تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها على من تلاها عليه على التساؤل، وإنما كان على الحض على التواصل، وترك قطيعة الأرحام، وفي ذلك ما قد دل على أنه قرأها بالنصب لا بالجر، وكذلك روي عن ابن عباس أنه كان يقرؤها كذلك

عن الأعمش، قال: سمعت مجاهداً يقول: كان ابن عباس يقرأ هذه الآية: {الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء:١] منصوبة، يقول: اتقوا الله والأرحام.

وقد قرأها كذلك أكثر القراء. كما عن خلف بن هشام (١)، قال: قرأ عاصم (والأرحامَ) نصب، ونافع كمثلٍ، وأبو عمرو (٢) كمثل.

وكما عن الحسن (والأرحام) بالنصب، يقول: والأرحام لا تقطعوها.

(شرح مشكل الآثار - ١/ ٢٢٥ - ٢٢٦).


(١) خلف هو: أبو محمد خلف بن هشام بن ثعلب بن غُراب البغدادي المقرئ، وثقة ابن معين وغيره، وكانت وفاته سنة (٢٢٩ هـ).
(معرفة القراء الكبار -١/ ٢٠٨).
(٢) أبو عمر وهو: أبو عمرو زبّان بن العلاء بن عمار بن العُريان التميمي المازني، المقرئ النحوي البصري، وثقه ابن معين وغيره، وكانت
وفاته سنة (١٥٤ هـ) (معرفة القراء الكبار-١/ ١٠٠).

<<  <   >  >>