للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما يمنعه من الاجتهاد وقد تحققت له أدواته، واكتملت له عدته، فهو حافظ، واسع الاطلاع، دقيق الفهم، متنوع الثقافة، جمع إلى معرفة الحديث ونقله، والعلم بالروايات وعللها، علماً بالفقه والعربية، وتمكناً منها كلها، وتبحراً فيها. (١)

قال الإمام اللكنوي: (٢) (إن الإمام الطحاوي له درجة عالية، ورتبة شامخة، قد خالف بها صاحب المذهب في كثير من الأصول والفروع، ومن طالع (شرح "معاني الآثار) وغيره من مصنفاته يجده يختار خلاف ما اختاره صاحب المذهب كثيراً إذا كان ما يدل عليه قوياً، فالحق أنه من المجتهدين المنتسبين، الذين ينتسبون إلى إمام معين من المجتهدين، لكن لا يقلدونه لا في الفروع ولا في الأصول، لكونهم متصفين بالاجتهاد، وإنما انتسبوا إليه لسلوكهم طريقه في الاجتهاد، وإن انحط عن ذلك، فهو من المجتهدين في المذهب القادرين على استخراج الأحكام من القواعد التي قررها الإمام، ولا تنحط مرتبته عن هذه المرتبة أبداً). (٣)

ولما كان الإمام الطحاوي قد اشتهر بالنبوغ والبراعة في العلوم بعامة، وفي مسائل الفقه والشروط والتوثيق والسجلات بخاصة، مع اتصافه بالأخلاق الفاضلة، وبسبب توافر هذه الصفات المميزة كان القضاة يهتمون به، بالاستعانة بمداركه وعلومه وفهمه وبراعته في فن الشروط والتوثيق، ويشاورونه في المسائل الصعبة التي تعرض عليهم، ويستفيدون من مهارته وفهمه.


(١) شرح مشكل الآثار - (١/ ٦٠).
(٢) هو: أبو الحسنات محمد بن عبد الحي اللكنوي الهندي (١٢٦٤ - ١٣٠٤ هـ) اشتهر بكثرة مؤلفاته القيمة التي بلغت نحو مائة وعشرة كتب.
(انظر: ترجمته في مقدمة كتابه (الأجوبة الفاضلة) بتحقيق الشيخ: عبد الفتاح أبو غدة).
(٣) الفوائد البهية (٣١).

<<  <   >  >>