للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عز وجل: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} [النور:١٠] ولم يذكر ما كان يكون له، ووصل ذلك بقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور:١٠]

وهذا كثير في كلام العرب، وكان معقولاً أن الكلالة ما يُكَلَّلُ على الموروث والميراث الذي تركه من يستحقه بالسبب الذي يتكلل به عليه، وكان الولد غير متكلَّل عليه، لأنه منه، فكان مثل ذلك الوالد غير متكلَّل عليه، لأنه منه، فثبت بذلك: أن الكلالة ما عدا الوالد والولد جميعاً، والله نسأله التوفيق.

(شرح مشكل الآثار - ١٣/ ٢٢٣ - ٢٣٩).

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد (بالكلالة) في هذه الآية هو: الوارث الذي ليس بولد ولا والد.

ثم بين - رحمه الله تعالى - أن عدم الذكر للوالد في الآية، مع كونه داخلاً في المراد بالكلالة، لأن المخاطبين في ذلك يعلمون أن الوالد في هذا المعنى أوكد من الولد، فكان الذكر للولد مغنياً عن الذكر للوالد.

وإليك بيان: أقوال العلماء في المراد (بالكلالة):

القول الأول: أن المراد بالكلالة هو: الميت المورث الذي لا ولد له ولا والد.

- وهذا قول: أهل البصرة - وروي عن أبي بكر - وعمر - وعلي - وزيد بن ثابت - وابن عباس - وابن مسعود. (١)

- وحجة هذا القول: أن ظاهر الآية وقول من ذكرناهم من الصحابة يدل على أن الميت نفسه يسمى كلالة، لأنهم قالوا: (الكلالة من لا ولد له ولا والد). وهذه صفة المورث الميت. لأنه من المعلوم أنهم لم يريدوا أن الكلالة هو الوارث الذي ليس له ولد ولا والد، إذ كان وجود الولد والوالد للوارث لا يغير حكم ميراثه من مورثه، وإنما يتغير حكم الميراث بوجود هذه الصفة للميت المورث. (٢)

ومما يدل على أن الميت المورث يسمى كلالة، قول الشاعر الفرزدق:


(١) معاني القرآن للنحاس - (٢/ ٣٤).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٨٦).

<<  <   >  >>