للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن قوله جل وعلا: {وَأَرْجُلَكُمْ} إما عطف على قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} للتنبيه على وجوب الاقتصاد في استعمال الماء، وأن تغسل الأرجل غسلاً خفيفاً يقرب من المسح. (١)

٢ - أن قوله جل وعلا: {وَأَرْجُلَكُمْ} إنما عطف على قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ليبين أن الرجلين يمسحان حال الاختيار على حائل وهما الخفان، بخلاف سائر الأعضاء.

ومثال ذلك: ما روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" أنه كان إذا ركع وضع يديه على ركبتيه ". (٢) فليس المراد منه: أنه لم يكن بينهما حائل. وكما يقال: (قَبّل فلان رأس الأمير ويده) وإن كانت العمامة على الرأس، واليد في الكُمِّ. (٣)

٣ - أن قوله جل وعلا: {وَأَرْجُلَكُمْ} إنما عطف على قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} لتنبيه الغاسل على عدم الاكتفاء بمجرد الغسل في تطهير الرجلين، بل يجمع في تطهيرهما بين الدلك باليد الذي هو المسح والغسل الذي هو إسالة الماء على العضو المغسول.

ولعل الحكمة في الجمع بين المسح والغسل في تطهير الرجلين دون غيرهما، لأن الرجلين هما أقرب أعضاء الإنسان إلى ملامسة الأقذار لمباشرتهما للأرض، فناسب ذلك أن يجمع في تطهيرهما بين المسح والغسل، ليكون ذلك أبلغ في نظافتهما. (٤)

وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: أحكام الكتاب المبين (٣/ ٨٦٤) - وتفسير ابن كثير - (٢/ ٢٦).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه - كتاب الصلاة - باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع - (ح ٢٦٠ - ٢/ ٦١).
والنسائي في سننه - كتاب الصلاة - باب مواضع أصابع اليدين في الركوع _ (ح ١٠٣٦ - ٢/ ٥٣٠).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٧٢) - وتفسير البغوي (٣/ ٢٣).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٤٧٠) - والقراءات وأثرها في التفسير والأحكام (٢/ ٥٢٦).

<<  <   >  >>