للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو إنما قال تلك المقولة عندما لاح له علامات تغلب على الظن أن أخاه يريد قتله، فذكر له تلك المقولة على سبيل الموعظة والنصيحة. فإذا كان ذلك ممكناً، ولم يكن في الآية دلالة على أنه كان مأموراً بترك منع أخيه من قتله، لم يكن جائزاً ادعاء ما ليس في الآية إلا ببرهان يجب التسليم له. (١)

وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)} [المائدة:٣٣ - ٣٤]

قال أبو جعفر الطحاوي: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة:٣٣] الآية، قال: (نزلت هذه الآية في المشركين فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه، لم يكن عليه سبيل، وليست هذه الآية للرجل المسلم من قتل وأفسد في الأرض وحارب الله ورسوله، ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه، لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصاب) (٢)


(١) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٥٣٣) - وتفسير الرازي (١١/ ٢٠٦).
(٢) أخرجه أبوداود في سننه - كتاب الحدود - باب ما جاء في المحاربة (ح ٤٣٧٢ - ٤/ ٥٣٦). والنسائي في سننه - كتاب المحاربة - ذكر
اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح على يحى بن سعيد في هذا الحديث - (ح ٤٠٥٧ - ٧/ ١١٦).

<<  <   >  >>