للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجدنا عن البراء رضي الله عنه، قال: مُرّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي قد حُمِّمَ (١) وجهه وقد ضُربَ يطاف به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما شأن هذا؟ " فقالوا: زنى، فقال: " ما تجدون حد الزنى في كتابكم؟ " قالوا: يحمم وجهه، ويعزر ويطاف به، فقال: " أَنشدكم بالله ما تجدون حده في كتابكم؟ " فأشاروا إلى رجل منهم، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال الرجل: نجد في التوراة الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكرهنا أن نقيم الحد على سفلتنا، ونترك أشرافنا، فاصطلحنا على شيء، فوضعنا هذا. فرجمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: " أنا أولى من أحيا ما أماتوا من أمر الله تعالى ". (٢)

وكان في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ذلك اليهودي بلا تحاكم من اليهود إليه فيه، فدل ذلك على أن أولى الاحتمالين بالآية التي تلوناها، الموافق لهذا الحديث منهما، وأن المراد بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة:٤٩]، أي: وأن احكم عليهم بما أُنزل عليك في الكتاب الذي أنزل عليك بعد علمك بوجوب ذلك على من يحكم به عليه، تحاكموا في ذلك قبل أن تحكم بينهم فيه أو لم يتحاكموا إليك فيه. والله نسأله التوفيق.

(شرح مشكل الآثار -١١/ ٤٣٥ - ٤٤١)

(وانظر: شرح معاني الآثار-٤/ ١٤١ - ١٤٣).


(١) معنى قوله: (حُمِّمَ) أي: سُوِّدَ. (منال الطالب لابن الأثير -٢٥٦).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحدود - باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى (حـ ٤٤١٥ - ١١/ ٢٠٨)
وأبو داود في سننه - كتاب الحدود - باب في رجم اليهوديين - (ح ٤٤٤٧ - ٤/ ٥٩٥).

<<  <   >  >>