للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم. وهو دال على: أنه لا يجب على الحاكم المسلم الحكم بين أهل الكتاب إلا متى ما رفعوا أمرهم إليه.

القول الثاني: أن قوله جل وعلا: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة:٤٢] آية منسوخة. والناسخ لها قوله جل وعلا: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:٤٩] فحكم الآية الأولى كان في ابتداء الإسلام حيث كان الإمام مخير في أن يحكم بين أهل الكتاب أو يعرض عنهم، ثم صار هذا الحكم منسوخاً، وأصبح الحكم وجوب الحكم بينهم متى ما تحاكموا إلينا. (١)

وعلى هذا القول فإن معنى قوله جل وعلا: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:٤٩] يحتمل أمرين:

أ - وأن احكم بينهم بما أنزل الله إذا تحاكموا إليك، ولا تعرض عنهم.

ب - وأن احكم بينهم بما أنزل الله وإن لم يتحاكموا إليك إذا علمت ذلك منهم.

- وهذا قول: ابن عباس - ومجاهد - والحسن البصري - وعكرمة -- وعمر بن عبد العزيز- والسدي - وعطاء الخرساني. وإليه ذهب: أبو حنيفة - والشافعي في أحد قوليه. (٢)

ومن أدلة هذا القول:


(١) أحكام القرآن للكياالهراسي (٣/ ٧٨).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٤/ ٥٨٤) - وتفسير القرطبي (٦/ ١٨٠).

<<  <   >  >>