للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد هذا الاستدلال: بأن أكثر الروايات الواردة في هذه القصة - والتي منها حديث جابر، وابن عمر - وأبي هريرة - رضي الله عنهم - تدل على أن اليهود جاءوا أولاً إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسألونه الحكم فيما بينهم. فوجب الأخذ بهذه الروايات دون رواية البراء - رضي الله عنه - والتي لم يبين فيها أن اليهود هم الذين جاءوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (١)

وقد قال الحافظ ابن حجر في الجمع بين هذه الروايات: (ويمكن الجمع بالتعدد بأن يكونوا بادروا فجلدوه، ثم بدا لهم فسألوا فاتفق المرور بالمجلود في حال سؤالهم عن ذلك فأمرهم بإحضارهما فوقع ما وقع، والعلم عند الله - أهـ). (٢)

الترجيح: والقول الراجح هو أن الآية محكمة، وذلك لأن النسخ إنما يعمل به إذا كان بين الأدلة تعارض حقيقي بحيث لا يمكن الجمع بينها وإعمالها جميعاً. فيعمل بالنسخ دفعاً للتناقض في تشريع الحكيم العليم، أما إذا أنتفى هذا الأمر ولم يكن بين هذه الأدلة تعارض حقيقي، فإنه لا يقال بالنسخ فيها. (٣)


(١) بذل المجهود في حل أبي داود (١٧/ ٤١٥).
(٢) فتح الباري (١٢/ ١٧٤).
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن (٢/ ١٣٩) - وانظر: الاستذكار لابن عبد البر (٢٤/ ١٦).

<<  <   >  >>