للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر الطحاوي: وقول الله عز وجل: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦]، يحتمل ما حرم عليهم منه، هو أن يصيدوه. ألا ترى إلى قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:٩٥] فنهاهم الله تعالى في هذه الآية عن قتل الصيد وأوجب عليهم الجزاء في قتلهم إياه. فدل ما ذكرنا أن الذي حرم على المحرمين من الصيد، هو قتله.

وقد رأينا النظر أيضاً يدل على هذا، وذلك أنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم، ويحرمه الحرم على الحلال. وكان من صاد صيداً في الحل فذبحه في الحل، ثم أدخله الحرم، فلا بأس بأكله إياه في الحرم.

ولم يكن إدخاله لحم الصيد كإدخاله الصيد نفسه وهو حيّ الحرم، لأنه لو كان كذلك، لنهى عن إدخاله ولمنع من أكله إياه فيه كما يمنع من الصيد في ذلك كله، ولكان إذا أكله في الحرم، وجب عليه ما وجب في قتل الصيد.

فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذي صيد في الحل، كما يمنع من الصيد الحيّ، كان النظر على ذلك أن يكون كذلك الإحرام أيضاً، يحرم على المحرم الصيد الحيّ، ولا يحرم عليه لحمه إذا تولّى الحلال ذبحه، قياساً، ونظراً على ما ذكرنا من حكم المحرم.

فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

(شرح معاني الآثار-٢/ ١٧٥ - ١٧٦)

الدراسة

بين الإمام الطحاوي أن المراد بقوله جل وعلا: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦] هو تحريم الانتفاع بالصيد الذي يصيده المحرم دون الصيد الذي يصيده الحلال.

وإليك بيان أقوال المفسرين في المراد بالآية:-

<<  <   >  >>