للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد دلت هذه الأحاديث على أنه يحرم على المحرم الانتفاع بالصيد بكل حال، وإن كان الذي صاده حلال.

وقد رد هذا الاستدلال: بأنه ليس في هذه الأحاديث ما يدل على السبب الذي رد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الصيد. وإنما ذكر فيها أنه أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحم صيد فرده، وعليه فإن سبب رده قد يكون أن ذلك الصيد صاده الصحابي الحلال لأجل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المحرم، فلزم رده. ولو أن ذلك الصحابي الحلال لم يصده لأجل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لصح قبوله. وقد بين ذلك حديث جابر - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم " (١) فوجب الأخذ بجميع هذه الأحاديث الصحيحة، وتوجيه كل واحد منها إلى المعنى الصحيح الذي يتفق به مع الأحاديث الأخرى، دون المعنى الذي يتعارض به مع أي حديث صحيح. (٢)

القول الثاني: أن المراد بالآية هو: تحريم انتفاع المحرم بالصيد الذي يصيده المحرم دون الصيد الذي يصيده الحلال.

- وهذا قول: عمر بن الخطاب - وعثمان بن عفان - وأبي هريرة - والزبير بن العوام - وطلحة بن عبيد الله - وأبي قتادة - وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم. وإليه ذهب: جمهور الفقهاء. (٣)

- ومن أدلة هذا القول:


(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب لحم الصيد للمحرم - (ح ١٨٥١ - ٢/ ٤٢٧).
والترمذي في سننه - كتاب الحج - باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم (ح ٨٤٦ - ٤/ ٧٤).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٥/ ٧٦) - وتفسير الشنقيطي (١/ ٣٢٥).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٥/ ٧٣) - وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٧٥) - ومختصر تفسير المنار (٢/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>