للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد اشمل هذا الحديث على أعيان: بعضها سباع ضارية، وبعضها هوام قاتلة، وبعضها طير لا تدخل في معنى السباع ولا هي من جملة الهوام، وإنما هي حيوان مستخبث اللحم.

وتحريم الأكل يجمع بينها، فيجب اعتباره، وترتب الحكم عليه (١).

القول الثاني: أن المراد بالصيد المحرم هو: الحيوان الوحشي سواء كان مأكولاً أو غير مأكول.

- وهذا قول: الجمهور (٢)

- وحجة هذا القول: أن قوله جل وعلا: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦] نص عام في جميع أنواع صيد البر، ولا يستثنى من هذا العموم إلا ما خصه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " خمس من الدواب كلهن فاسق تقتل في الحرم: الغراب، والحِدأة، والكلب العقور، والعقرب، والفأرة " (٣) وفي رواية: " الحية، والعقرب، والفويسقة، ويرمي الغراب ولا يقتله، والكلب العقور، والحدأة، والسبع العادي ". (٤) وقد تلقى سائر العلماء هذا الحديث بالقبول واستعملوه في إباحة قتل هذه الحيوانات المذكورة فيها، دون غيرها من سائر الحيوانات.

الترجيح: والقول الراجح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، من أن لفظ الآية عام في جميع أنواع صيد البر إلا ما خصه الخبر الثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغير جائز تخصيص غيرها بالقياس عليها، لأن علة تخصيصها غير ظاهر لنا. (٥)


(١) شرح السنة للبغوي (٧/ ٢٦٧).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٥٨) وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٧٦) وتفسير الشنقيطي (١/ ٣٢٨).
(٣) تقدم تخريجه (٤٧١).
(٤) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب ما يقتل المحرم من الدواب - (ح ١٨٤٦ - ٢/ ٤٢٤). والترمذي في سننه - كتاب الحج - باب
ما يقتل المحرم من الدواب (ح ٨٣٨ - ٤/ ٦٣) وقال: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم - أهـ.
(٥) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٥٨).

<<  <   >  >>