للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الرواية الواردة عن عكرمة، وابن جبير فهي رواية غير صريحة في معنى السببية، وبناء على هذا فإن هذه الروايات تحمل على أنها داخلة في المعنى الذي دلت عليه الآية، ولا نقول إنها سبب لنزول الآية.

وعلى هذا فإن المراد بقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:١٠١] وهو: النهي عن السؤال عما يشق عليهم ويغمهم من التكاليف الصعبة التي لا يطيقونها، والأسرار الخفية التي يفتضحون بظهورها، ونحو ذلك مما لا خير فيه مما لم يجر ذكره في الكتاب والسنة بوجه من الوجوه. (١)

وأما السؤال عما نزل به القرآن مما يجب العمل به، فهذا لا شك في صحة السؤال عنه، لأن السؤال عنه من التفقه في الدين، ولذا قال من جل ذكره: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:٤٣] (٢)

وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية، وأما قاله في سبب نزول الآية فهو خلاف القول الأولى في ذلك. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)} [المائدة:١٠٥]


(١) انظر: تفسير أبي السعود (٢/ ٣٢٥) - وتفسير الرازي (١٢/ ١٠٧).
(٢) تفسير القرطبي (٦/ ٣١٤).

<<  <   >  >>