للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجدنا عن أبي أمية (١)، قال: سألت أبا ثعلبة الخُشني (٢)، قلت: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أي آية؟ قلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}] المائدة:١٠٥ [فقال لي: أما والله لقد سألتُ عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمراً لا بد لك منه، فعليك بنفسك، وإياك وأمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، صبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل منكم يومئذ كأجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله " (٣)

قال أبو جعفر: فعقلنا بهذا الحديث أن معنى قول أبي بكر رضي الله عنه: (إن الناس يضعون هذه الآية في غير موضعها) يريد بها سيعملونها في غير زمنها، وأن زمنها الذي يستعمل فيه هو الزمن الذي وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي ثعلبة بما وصفه به، ونعوذ بالله عز وجل منه، وأن ما قبله من الأزمنة فإن فرض الله عز وجل فيه على عبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تعود الأمور إلى ما أمر الله عز وجل أن يكون الناس عليه من امتثال ما أمرهم الله به عز وجل، والانتهاء عن ما نهاهم عنه.


(١) أبو أمية هو: أبو أمية يحمد الشعباني. (أسد الغابة-٦/ ٢٠).
(٢) أبو ثعلبة هو: جُرْهم بن ناشب الخُشَني، بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بيعة الرضوان، وكانت وفاته سنة (٥٧ هـ). (سير أعلام النبلاء -٢/ ٥٦٧).
(٣) أخرجه أبوداود في سننه - كتاب الملاحم - باب الأمر والنهي (حـ ٤٣٤١ - ٤/ ٥١٢).
والترمذي في سننه - كتاب التفسير - باب سورة المائدة - (حـ ٣٠٦٨ - ١١/ ١٨١) وقال: هذا حديث حسن غريب. أهـ.

<<  <   >  >>