للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يختلفان إلى مكة للتجارة، فخرج رجل من بني سهم، فتوفي بأرض ليس بها مسلم، فأوصى إليهما بتركته، فدفعا بتركته إلى أهله، وجبسا جاماً من فضة مخوصاً من ذهب (١)، فاستحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالله: ما كتمنا ولا أطلعنا. ثم عرف الجام بمكة عند قوم من أهل مكة، فقالوا: اشتريناه من عدي وتميم، فقام رجلان من أولياء السهمي، فحلفا بالله: إن هذا لجام السهمي، ولشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين، فأخذ الجام، وفيهم نزلت هذه الآية (٢)

فقال قائل: فهذه آية قد أنزلها الله في كتابه، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حكمه بما أنزله عليه فيها ما قد رويته في هذا الباب، وقد روي عن ابن عباس وهو الذي روى هذا الحديث في تمسكه بها، وأنها عنده مما الحكم بما فيها قائم لم يلحقه نسخ قال ابن عباس في قوله عز جل: أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " [المائدة:١٠٦]، قال: من غير أهل الإسلام من الكفار إذا لم تجدوا المسلمين.

قال أبو جعفر: فهذا يدل على أنها كانت عند ابن عباس محكمة غير منسوخة.

وروي عن أبي موسى الأشعري فيها ما يدل على أن مذهبه كان فيها كمذهب ابن عباس


(١) معنى قوله: (جاماً من فضة مخوصاً من ذهب) أي: إناء من فضة منقوشاً عليه بالذهب كصفة الخوص. (فتح الباري-٥/ ٤٨٢).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: الوصايا - باب: قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة:١٠٦].
(حـ ٢٦٢٨ - ٣/ ١٠٢٢) - والترمذي في سننه - كتاب: التفسير - باب: تفسير سورة المائدة (حـ ٣٠٧٠ - ١١/ ١٨٣) - وقال: هذا حديث حسن
غريب. أهـ. وفي رواية عند الترمذي: (وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام). (حـ ٣٠٦٩ - ١١/ ١٨٢).

<<  <   >  >>