للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذكر عن الحسن في قوله: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة:١٠٦] {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:٢]، وهذا مما لا يقطع فيه على المخالفة بقيام الحجة عليه بالنسخ لما قد أنزله الله في كتابه، وعمل به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعمل به من عمل به من أصحابه، ولا يجوز أن ينسخ ما قد أجمع على ثبوته إلا لقيام الحجة بما يوجب ذلك فيه.

فأما ما قد ذكرناه مما يستدل به الحسن من قول الله: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة:١٠٦] ما قد دل على أنهما من أهل الصلاة، فإن ذلك مما لا دليل عندنا فيه، وإنما ذلك عند كثير من أهل العلم على أنه قصد بذلك إلى الوقت الذي يعظمه أهل الأديان جميعاً وهو ما بعد صلاة العصر ويتوقونه ويخافون نزول العقوبة بهم عند المعصية فيه، وقد ذكرنا في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل حلف بعد العصر على سلعة أنه أُعطي بها كذا وكذا كاذباً" (١)

فإذا كان هذا الاختلاف في هذا كما قد ذكرنا، لبقي حكم الآية على ما كان عليه حتى يكون مثله مما يوجب نسخها، وقد كان الزهري وزيد بن أسلم يذهبان إلى أنها مما قد نسخ العمل به.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: المساقاة - باب: من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه - (حـ ٢٢٤٠ - ٢/ ٨٣٤).
ومسلم في صحيحه - كتاب: الإيمان - باب: بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا
يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم- (حـ ٢٩٣ - ٢/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>