للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومن أدلة هذا القول: أن الله جل وعلا قال في الآية: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة:١٠٦] والكافر لا يعظم الصلاة حتى يحبس بعدها. (١)

وقد رد هذا الاستدلال: بأنه ليس المراد من حبسهم من بعد الصلاة أنهم من أهل الصلاة، بحيث يعظمون تلك الصلاة، فيجتنبون الكذب بعدها. وإنما المراد من حبسهم من بعد الصلاة لأن الوقت الذي بعد تلك الصلاة - صلاة العصر - معظم لدى جميع أهل الأديان بحيث كانوا يتجنبون الكذب فيه.

القول الثاني: أن المراد بقوله جل وعلا: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة:١٠٦].

أي: أو آخران من غير ملتكم، فلا يكونا مسلمين.

- وهذا قول: جمهور المفسرين. (٢)

وإليه ذهب: الإمام أحمد - والثوري - وأبو عبيد القاسم بن سلام. (٣)

- ومن أدلة هذا القول:

١ - أن الله جل وعلا قال في أول الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:١٠٦] فالخطاب في الآية لجميع المؤمنين، فلما قال: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة:١٠٦] كان المراد من غير المؤمنين لا محالة.

٢ - أن الله جل وعلا قال في الآية: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [المائدة:١٠٦] وهذا يدل على أن جواز الاستشهاد بهذين الآخرين مشروط يكون المستشهد في السفر، فلو كان هذان الشاهدان مسلمين، لما كان جواز الاستشهاد بهما مشروطاً بالسفر، لأن استشهاد المسلم جائز في السفر والحضر.


(١) معاني القرآن للنحاس (٢/ ٣٧٧).
(٢) تفسير البغوي (٣/ ١١٢).
(٣) تفسير أبي حيان (٤/ ٣٩٢).

<<  <   >  >>