للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخباب في أناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حوله حقروهم، فأتوه فخلوا به، فقالوا له: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا، وإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا قعوداً مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك، فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، قال: "نعم" قالوا: فاكتب لنا عليك كتاباً، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم، ودعا علياً ليكتب، فلما أراد ذلك، ونحن قعود في ناحية، نزل جبريل عليه السلام فقال: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام:٥٢] الآية، ثم ذكر الأقرع وصاحبه، فقال: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}} [الأنعام:٥٣] الآية، ثم ذكر، فقال: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا - إلى - الرَّحْمَةَ} [الأنعام:٥٤] فرمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصحيفة ودعانا، فأتيناه، وهو يقول: "سلام عليكم" فدنونا منه، فوضعنا ركبنا على ركبته، فكان إذا أراد أن يقوم، قام وتركنا، فأنزل الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الكهف:٢٨] الآية، يقول: مجالس الأشراف، {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ} [الكهف:٢٨] الآية، أما الذي أغفل قلبه فهو عيينة، والأقرع، وأما: {فرطاً} فهلاكاً، ثم ضرب لهم مثل رجلين، ومثل الحياة الدنيا، فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم، وإلا صبر أبداً حتى نقوم. (١)


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب: الزهد - باب: مجالسة الفقراء (حـ ٤١٧٩ - ٢/ ٤١٢)
والطبراني في المعجم الكبير - (حـ ٣٦٩٣ - ٤/ ٧٥).

<<  <   >  >>