للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، يقول لابن عباس رضي الله عنهما: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الإنسية، وعن متعة النساء، يوم خيبر". (١)

وقد تواترت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن لحوم الحمر الأهلية، بما قد ذكرنا، ورجعت معانيها إلى ما وصفنا. فليس ينبغي لأحد خلاف شيء من ذلك.

فإن قال قائل: فقد رويتم عن ابن عباس رضي الله عنهما إباحتها، وما احتج به في ذلك من قول الله عز وجل: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام:١٤٥] الآية.

قيل له: ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، فهو أولى مما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

وما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، فهو مستثنى من الآية، على هذا ينبغي أن يحمل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا المجيء المتواتر في الشيء المقصود إليه بعينه، مما قد أنزل الله عز وجل في كتابه، آية مطلقة على ذلك الجنس. فيجعل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، مستثنى من تلك الآية، غير مخالف لها، حتى لا يضاد القرآن السنة، ولا السنة القرآن.

فهذا حكم لحوم الحمر الأهلية، من طريق تصحيح معاني الآثار.

قال أبو جعفر: ولو كان إلىَّ النظر، لكان لحوم الحمر الأهلية حلالاً، وكان ذلك كلحم الحمر الوحشية، لأن كل صنف قد حرم، إذا كان أهلياً، مما قد أجمع على تحريمه، فقد حرم إذا كان وحشياً.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: الذبائح والصيد - باب: لحوم الحمر الإنسية - (حـ ٥٢٠٣ - ٥/ ٢١٠٢).
ومسلم في صحيحه - كتاب: الصيد والذبائح - باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية - (حـ ٤٩٨١ - ١٣/ ٩١).

<<  <   >  >>