للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن الغرض من سياق هذه الآية الكريمة: الرد على المشركين الذي ابتدعوا ما ابتدعوه من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك، فأمر جل وعلا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرهم أنه لا يجد فيما أوحاه الله إليه أن ذلك محرم، وأن الذي حرمه هو الميتة وما ذكر معها، وما عدا ذلك فلم يحرم، وإنما هو عفو مسكوت عنه، فكيف تزعمون أيها المشركون أن الله حرمه.

فالآية جاءت بقصد الرد على المشركين، لتحليلهم وتحريمهم أشياء من عند أنفسهم.

وعليه فالآية لا تدل على حصر المحرمات، وإنما تدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يجد فيما أوحي إليه محرماً إلى وقت نزول الآية غير ما ذكر، ولا ينفي إمكانية حدوث تحريم لأشياء أخرى بعد ذلك. (١)

كما ورد تحريم المنخنقة وما ذكر معها في سورة المائدة في قوله جل وعلا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة:٣].

وكما ورد تحريم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير بالسنة. فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير". (٢)

- القول الثاني: أن الآية غير عامة فيما حرم الله جل وعلا.

وعليه فالآية غير دالة على حكم الحمر الأهلية.


(١) انظر: تفسير ابن كثير (٢/ ١٩٠) - وفتح الباري لابن حجر (٩/ ٥٧٣).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب: الصيد والذبائح- باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير (حـ ٤٩٧٠ -
١٣/ ٨٥). وأبو داود في سننه - كتاب: الأطعمة - باب: النهي عن السباع (حـ ٣٨٠٣ - ٤/ ١٥٩).

<<  <   >  >>