ثم رجعنا إلى طلب ما فيه من المراد بالآية المذكورة فيه فوجدنا فيه إعلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيانا ما كان من الله عز وجل من استخراجه ذرية آدم - صلى الله عليه وسلم - من ظهره، وكان المذكور في هذه الآية بني آدم لا آدم نفسه، فاستخرج الله عز وجل من ظهره ذريته، ثم كان منه فيهم ما ذكر في هذا الحديث، ثم أعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل أنه قال للذين استخرجهم منه أولاً: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، وأنه قال للذين استخرجهم من بعدهم من ظهره: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون.
فعلمنا بذلك أن علم الله عز وجل قد تقدم في بني آدم من أهل السعادة ومن أهل الشقاء بما يكون منهم مما يسعدون به، ومما يشقون به، وأنهم يكونون إذا صاروا إلى الدنيا على ما تقدم في علمه أنهم يكونون عليه فيها، وأنه يستعمل سعداءهم بعمل أهل الجنة حتى يدخلهم الجنة ثواباً لهم على أعمالهم، وأنه يستعمل الأشقياء منهم بأعمال أهل النار حتى يدخلهم النار عقوبة لهم على أعمالهم.