للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فلا يجوز من المؤمنين الفرار عند ملاقاة العدو إلا لتحرف لقتال أو لتحيز إلى فئة من المؤمنين.

وأما الفرار من غير نية لفعل أحد الأمرين فلا يجوز، ومن فعله فقد استوجب من الله وعيده، إلا أن يتفضل عليه بعفوه. (١)

- وهذا قول: جمهور علماء الأمة. (٢)

- ومن أدلة هذا القول:

١ - أن الله جل وعلا قال في الآية الأولى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال:١٥]

فهذا الخطاب عام لجميع المؤمنين. (٣)

٢ - أنه قد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أنه قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" - قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". (٤)

ففي هذا الحديث بيّن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الفرار من الزحف من كبائر الذنوب التي لا يجوز فعلها في حق أحد من أفراد الأمة.

وهذا نص في المسألة يبين حكمها، ويرفع الخلاف فيها. (٥)

- القول الثاني: أن الحكم الوارد في هذه الآية خاص بأهل بدر.

وعليه فيجوز بعد يوم بدر الفرار من الزحف.


(١) تفسير الطبري (٦/ ٢٠٠).
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٣٨٧).
(٣) تفسير الرازي (١٥/ ١٣٨).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب: المحاربين من أهل الكفر والردة - باب: رمي المحصنات (حـ ٦٤٦٥ - ٦/ ٢٥١٥).
ومسلم في صحيحه - كتاب: الإيمان - باب: بيان الكبائر وأكبرها (حـ ٢٥٨ - ٢/ ٢٧٣).
(٥) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>