للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث ما قد دل على استدارة الزمان حتى صار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وفيه المعنى المراد بقول الله عز وجل: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣)} [التوبة:٣] أن قوله جل وعز (الأكبر) في هذا الآية إنما هو نعت للحج لا لما سواه مما قد اختلف الناس فيه، فقال بعضهم: إنه يوم النحر، وإن كان ذلك قد رووه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يومئذ: "إن يوم الحج الأكبر يوم النحر" (١)

وقال بعضهم: إن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وليس في ذلك معهم رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما رووه عن ابن أبي أوفى. (٢) ومعنى ما في حديثي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللذين ذكرناهما في هذا الباب هو ما في حديث عبد الله بن عمرو - جد عمرو بن شعيب - الذي رويناه فيه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"يوم الحج الأكبر" نعت للحج لا لليوم حتى تصح معاني هذه الآثار وتتفق، ولا يخالف بعضها بعضاً.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج- باب الخطبة أيام منى (ح ١٦٥٥ - ٢/ ٦٢٠)،
وأبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب يوم الحج الأكبر - (ح ١٩٤٥ - ٢/ ٤٨٣).
(٢) ابن أبي أوفى هو: أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي، بايع بيعة الرضوان، وشهد خيبر وما بعدها من
المشاهد، وكانت وفاته بالكوفة سنة (٨٦ هـ) (أسد الغابة -٣/ ١٨٢).

<<  <   >  >>