للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فالعمل إذا تعلق به القصد تعلقت به الأحكام التكليفية، وإذا عرى عن القصد لم يتعلق به شيء منها، كفعل النائم، والغافل، والمجنون" (١).

ويقول الإمام ابن رجب مبينًا إطلاقات النية في النصوص الشرعية، وفي كلام أهل العلم: "والنية في كلام العلماء تقع بمعنيين:

أحدهما: تمييز العبادات بعضها عن بعض؛ كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر مثلًا، وتمييز رمضان من صيام غيره، أو تمييز العبادات من العادات؛ كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرد والتنظيف، ونحو ذلك، وهذه النية هي التي توجد كثيرًا في كلام الفقهاء في كتبهم.

والمعنى الثاني: بمعنى تمييز المقصود بالعمل، وهل هو لله وحده لا شريك له، أم لله وغيره، وهذه هي النية التي يتكلم فيها العارفون في كتبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي توجد كثيرًا في كلام السلف المتقدمين.

وقد صنَّف أبو بكر بن أبي الدنيا (٢) مصنفًا سماه كتاب "الإخلاص والنية"، وإنما أراد هذه النية، وهي النية التي يتكرر ذكرها في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، تارة بلفظ النية، وتارة بلفظ الإرادة، وتارة بلفظ مقارب لذلك" (٣).

وبناء على ذلك فإن لفظ النية الشرعي يتضمن معنى الإخلاص


(١) الموافقات (٢/ ٣٢٤).
(٢) هو: المحدث العالم الصدوق أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس أبي الدنيا القرشي الأموي مولاهم البغدادي، صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، ولد سنة ثمان ومائتين، وكان مؤدب أولاد الخلفاء، ومات في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين ومائتين. [ترجمته في: تذكرة الحفاظ (٢/ ٦٧٧ - ٦٧٩)، طبقات الحفاظ (١/ ٢٩٨)].
(٣) جامع العلوم والحكم (ص ١١ - ١٢).