للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من جهة القواعد تعلقه بكون عام، والمعنى: أعمال المكلفين لا تتحقق ولا تكون إلا بالنية، وهذا يؤدي إلى أن وجود العمل يتوقف على النية، والواقع يشهد بخلافه، فإن الوجود الحسي لا يحتاج إلى نية، وأيضًا الأنسب بكلام الشارع هو الوجود الشرعي، فلا بد من تقدير كون خاص هو: الوجود الشرعي، ومرجعه إلى الصحة، أو الاعتبار، فالمعنى: الأعمال لا تتحقق شرعًا، ولا تصح، فلا تعتبر إلا بالنية" (١).

* المسألة الرابعة* أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

بعض أقوال العلماء التي وقفت عليها في تقرير معنى القاعدة:

يقول الإمام ابن تيمية: "فإن صلاح الحي إنما هو صلاح مقصوده، ومراده، وصلاح الأعمال، والحركات بصلاح إرادتها، ونياتها؛ ولهذا كان من أجمع الكلام، وأبلغه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا يعم كل عمل، وكل نية" (٢).

ويقول الإمام ابن القيم: "فإن صلاح الأعمال، والحركات، بصلاح نياتها ومقاصدها، فكل عمل فهو تابع لنية عامله، وقصده، وإرادته، وتقسيم الأعمال إلى صالح وفاسد، هو باعتبارها في ذواتها تارة، وباعتبار مقاصدها ونياتها تارة" (٣).

ويقول الإمام ابن رجب في معنى حديث: "إنما الأعمال بالنيات": "فإن الجملة الأولى: دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده، والجملة الثانية: دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة، وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة، وقد تكون


(١) سنن النسائي بحاشية الإمام السندي (١/ ٥٨).
(٢) قاعدة في المحبة (ص ١٥).
(٣) إغاثة اللهفان لابن القيم (٢/ ١٣٦).