دلت القاعدة على أن حقائق الأشياء ومعانيها اللغوية أو الشرعية لا تتغير بتغير الألفاظ والأسماء، كما أن الأحكام الشرعية مرتبطة بالحقائق والمعاني، فمتى ما وجدت الحقيقة وجد الحكم بغض النظر عن اختلاف الأسماء وتنوع الألفاظ؛ إذ الأسماء عرضة للتغيير حسب الأزمنة والأمكنة وأعراف الناس، وهذا أمر مشاهد بين الناس ولا ينكره منكر.
يقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله: "فمن صرف لغير الله شيئًا من أنواع العبادة فقد عبد ذلك الغير واتخذه إلهًا، وأشركه مع الله في خالص حقه، وإن فرَّ من تسمية فعله ذلك تألهًا وعبادة وشركًا، ومعلوم عند كل عاقل أن حقائق الأشياء لا تتغير بتغير أسماءها ... فالشرك إنما حرم لقبحه في نفسه، وكونه متضمنًا مسبة للرب، وتنقصه وتشبيهه بالمخلوقين، فلا تزول هذه المفاسد بتغيير اسمه، كتسميته توسلًا، وتشفعًا، وتعظيمًا للصالحين، وتوقيرًا لهم، ونحو ذلك، فالمشرك مشرك شاء أم أبى (١).
* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة
المتأمل في النصوص الشرعية يجد فيها تقرير وتكرير ما دلت عليه القاعدة من كون العبرة بالحقائق وليست بالألفاظ، وأن الأحكام دائرة مع الحقائق وإن اختلفت الألفاظ، وفيما يأتي أذكر بعض ما ظهر لي من أدلة تصلح للاحتجاج للقاعدة:
(١) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٢/ ١٤٣ - ١٤٤).