للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

يمكن الاستدلال لتلازم أنواع التوحيد وأضدادها بأدلة عامة تشمل التدليل على قضية التلازم بين جميع الأنواع، كما أن هناك أدلة تدل على التلازم بين نوع وآخر، فهي بمجموعها تشير إلى التلازم بين أنوع التوحيد وأضدادها:

أولًا: الفطرة التي فطر الله عليها الخلق، فإنها في أصلها متضمنة للإقرار باللّه تعالى، ومعرفته، وكونه متصفًا بأجمل الصفات وأكملها، كما أنها متضمنة لمحبته، والخضوع له، والذل لعظمته، فكل نفس تضمنت فطرتها الإقرار بالخالق وعبادته، وهذا تلازم في أصل الفطرة بين التوحيد القولي العلمي، وبين التوحيد الإرادي العملي، فلا ينفك أحدهما عن الآخر أبدًا، لكن إذا حصل الانحراف ووقع الشرك وصار هو الغالب طغى على أصل الفطرة فطمسها وغيرها، مع وجود أصلها في النفس، ولذا إذا تاب ورجع عن شركه رجع إلى فطرته الأولى التي فطر عليها، كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- كان يحدث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" ثم يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] الآية (١).

ثانيًا: ومما يدل على صحة التلازم بين أنواع التوحيد أن دعوة


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي هل يصلى عليه ... (١/ ٤٥٦)، رقم (١٢٩٢)، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة (٤/ ٢٠٤٧)، برقم (٢٦٥٨). من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.